وفي رواية: قَالَ ابنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طلقتُم النِّسَاءَ فَطلقوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ.
ــ
عدَّتهن).
وفيها دليل واضح لمالك، ولمن قال بقوله: على أن الأقراء هي الأطهار. كما قالت عائشة، وغيرها. وهي حجة على من قال: إن الأقراء هي الدِّماء؛ وهو أبو حنيفة، وغيره.
وقد دلَّ هذا الحديث: على أن طلاق السُّنة يراعى فيه وقت الطهر. وهل يكفي ذلك في كون الطلاق للسُّنة، أو لا بدَّ من زيادة قيود أُخَر.
فقال الشافعي وأحمد وأبو ثور: يكفي ذلك، وليس في عدد الطلاق سنة ولا بدعة.
وقال مالك وعامَّة أصحابه: لا بدَّ في طلاق السُّنَّة من أن يعتبر مع الوقت أن يطلقها واحدة، ويتركها حتى تنقضي عدتها، ولا يُردِفُهَا، ومتى خالف شيئًا من ذلك خرج عن طلاق السُّنة، ووصف بالبدعة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: هذا أحسن الطلاق. وله قول آخر: إن شاء طلقها ثلاثًا، طلقها في كل طهر مرَّة. وكلاهما عند الكوفيين طلاق سنة. وقاله ابن مسعود. واختلف فيه قول أشهب. فقال مرة مثل ذلك. وقال مرة: يجوز أن يرتجع، ثم يطلق ثلاثًا.
ومعنى طلاق السُّنَّة: هو الواقع على الوجوه المشروعة، وطلاق البدعة نقيضه.
وقد اختلف فيما إذا طلقها في طهر مسَّ فيه. فالجمهور على أنه لا يجبر على الرجعة. وقد شذَّ بعضهم فقال: يُجبر كما يُجبر عليها في الحيض. والفريقان متفقان: على أن ذلك لا يجوز لإلباس العدة عليها؛ لأنها إن لم تكن حاملًا اعتدّت بالأقراء، وإن كانت حاملًا اعتدت بوضع الحمل، ولإمكان وقوع (١) الندم للمطلق عند ظهور الحمل.