للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: أَنَّهُ طلق امرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطلِيقَةً وَاحِدَةً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَن يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمسِكَهَا حَتَّى تَطهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ عِندَهُ حَيضَةً أُخرَى، ثُمَّ يُمهِلَهَا حَتَّى تَطهُرَ مِن حَيضَتِهَا، فَإِن أَرَادَ أَن يُطلقهَا فَليُطلقهَا

ــ

واختلف عندنا فيما إذا لم تُرتَجع المطلقة في الحيض حتى جاء الطهر الذي يجوز أن تطلق فيه. هل يُجبر على الرجعة؛ لأنها حق عليه، ولا يزول بزوال وقته، أو لا يجبر؛ لأنه قادر على إيقاع الطلاق في الحال فلا معنى للرجعة.

و(قوله: إنه طلقها تطليقة واحدة) هذا هو الصحيح، أنها كانت واحدة. ورواية من روى: أنها كانت ثلاثًا وَهمٌ، كما ذكره مسلم عن ابن سيرين: أنَّه أقام عشرين سنة يحدّثه من لا يتهم: أنه طلقها ثلاثًا حتى أتى الباهليُّ، واسمه: يونس بن جبير، يكنى: أبا غَلاب، بفتح الغين، وتخفيف اللام عند أبي بَحرٍ، وتشديدها عند غيره، وكذا قيَّده الأمير: أبو نصر بن ماكولا - وكان ذا ثبت - فحدَّثه عن ابن عمر: أنَّه طلقها تطليقة. وقد روي كذلك من غير وجه مسألة متعلقة بالطهر الذي مسَّ فيه. وتلك: أنَّ كُلَّ من قال: إن الأقراء هي الأطهار، فإذا طلق في طهر مَسَّ فيه، اعتدّ له بذلك الطهر عند الجمهور خلا ابن شهاب، فإنه يلغيه. وقد وجَّهت الحنفيةُ عليهم اعتراضًا؛ وهو: أنهم قالوا: أمر الله المطلقة ذات الأقراء أن تعتدّ ثلاثة أقراء، وأنتم تجعلون ذلك قرأين وبعضَ قرء، فكان قولكم مخالفًا للنص، فدلَّ ذلك على إبطال قولكم: إن الأقراء هي الأطهار. ودلَّ على صحة مذهبنا: أن الأقراء هي الحيض. وقد صحت تسمية الدَّم قرءا في كلام العرب، كما قال: (دعي الصلاة أيام أقرائك) (١) أي: دمك. وكما قال الشاعر (٢):

يا رُبَّ ذِي ضِغنٍ عَليَّ فَارِضِ ... له قُرُوءٌ كَقُروءِ الحائضِ


(١) رواه الدارقطني (١/ ٢١٢) عن عائشة، وانظره في تلخيص الحبير (١/ ١٧٠) فاطمة بنت أبي حبيش.
(٢) أنشده الصاغاني (انظر تاج العروس).

<<  <  ج: ص:  >  >>