للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّه لازمٌ واقعٌ ثلاثًا، ولا فرق بين أن يوقع مجتمعًا في كلمة أو مفرَّقًا في كلمات، غير أنهم اختلفوا في جواز إيقاعه كما قدمناه.

فأما من ذهب: إلى أنه لا يلزم شيء منه - وهو مذهب ابن إسحاق ومقاتل (١): ففساده ظاهر بدليل الكتاب، وذلك: أن الله تعالى قال: {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} وهذا يَعُم كُلَّ مطلقةٍ خُصَّ منه المطلقة قبل الدخول، ومن تعتد بالشهور والحمل. وبقيت متناولة لما بقي. لا يقال: يراد بالمطلقات هنا: الرجعية؛ بدليل قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} لأنَّا نقول: ليس ذلك بتخصيص لذلك العموم (٢)، وإنما هو بيانُ حُكم بعض ما تناوله العموم، ويدل على ذلك أيضًا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحتُمُ المُؤمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقتُمُوهُنَّ مِن قَبلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُم عَلَيهِنَّ مِن عِدَّةٍ} وقوله: {وَإِذَا طَلَّقتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحنَ أَزوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوا بَينَهُم بِالمَعرُوفِ} ونحو هذا.

ووجه دلالة (٣) هذا النمط: أنَّه قد حكم بأن وقوع ما يقال عليه طلاق يقتضي منع الزوج مِمَّا كان له على الزوجة من التصرف، ويلزمه أحكامً أُخر لا تكون في حالة الزوجية، ولا يعني بكونه واقعًا إلا ذلك، وإيقاع الطلاق ثلاثًا يقال عليه طلاق بالاتفاق فتلزم تلك الأحكام. وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في جزء كتبناه في هذه المسألة سؤالًا وجوابًا.

ثم حديث ابن عباس هذا يدلُّ ظاهرًا على أنَّه كان الطلاق ثلاثًا واقعًا لازمًا في تلك الأعصار، فيستدل به عليهم على جهة الإلزام، وإن كنَّا لا نرى التمسُّك به؛ لما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وعلى الجملة فمذهب هذين الرجلين شاذُّ الشاذِّ،


(١) ساقط من (ج ٢).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٣) في (ع): الاستدلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>