للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا سلف لهم فيه، ولا بعد في أن يقال: إن إجماع السَّلف على خلافهما - على ما يتبيَّن مِما نذكره - بَعدُ عن السَّلف -، فإنهم كانوا منقسمين إلى من يراه ثلاثًا، وإلى من يراه واحدة. والكل متفقون على وقوعه، والله تعالى أعلم.

وأمَّا من ذهب إلى أنَّه واقعٌ واحدةً؛ فهو أيضًا فاسدٌ. وقد استدل القائلون به على صحته بثلاثة أحاديث:

أحدها: حديث ابن عبَّاس هذا.

وثانيها: حديث ابن عمر على رواية من روى: أنَّه طلق امرأته ثلاثًا، وأنَّه صلى الله عليه وسلم أمره برجعتها، واحتُسِبَت له واحدة.

وثالثها: أن أبا رُكَانَة طلق امرأته ثلاثًا، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم برجعتها؛ والرَّجعة تقتضي وقوع واحدة. ولا حجة لهم في شيء من ذلك.

أمَّا حديث ابن عباس؛ فلا يصح به الاحتجاج لأوجه:

أحدها: أنَّه ليس حديثًا مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما ظاهره الإخبار عن أهل عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصر أبي بكر باتفاقهم على ذلك، وإجماعهم عليه، وليس ذلك بصحيح. فأوّل مَن خالف ذلك بفتياه ابن عباس. فروى أبو داود من رواية مجاهد عنه قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: إنَّه طلق امرأته ثلاثًا. قال: فسكت حتى ظننت أنَّه رادّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم يركب الحموقة، ثم يقول: يا بن عباس! يا بن عباس! قال: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا} وإنك لم تتق الله، فما أجد لك مخرجًا، عصيت ربك وبانت منك امرأتك (١).

وفي الموطأ عنه: أن رجلًا قال لابن عباس: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة.


(١) رواه أبو داود (٢١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>