لسماعها مستعجلين، أو ليدرك الصلَاة مَن تأخَّر وبَعُدَ منزلُهُ، ومع هذين التأويلين، فلا ينبغي أن تُترَكَ سنَّةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لمثل ذلك، وأولئك الملأُ أعلمُ وأجلُّ من أن يصيروا إلى ذلك، والله أعلم.
وأمَّا مَروان وبنو أمية، فإنما قدَّموها؛ لأنَّهم كانوا في خُطَبهم ينالون من عليٍّ - كرم الله وجهه - ويُسمِعون الناسَ ذلك، فكان الناسُ إذا صلَّوا معهم، انصرفوا عن سَمَاعِ خُطَبِهِم لذلك، فلمَّا رأى مَروَانُ ذلك أو مَن شاء الله من بني أميَّة، قدَّموا الخطبة؛ لِيُسمِعُوا الناسَ مِن ذلك ما يكرهون. والصوابُ: تقديمُ الصلاةِ على الخُطبة؛ كما تقدَّم، وقد حكى فيه بعضُ علمائنا الإجماعَ.
و(قوله: فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبلَ الخُطبَةِ، فَقَالَ أبو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا، فَقَد قَضَى مَا عَلَيهِ) مقتضَى هذا السياق أن المُنكِرَ على مَروان رجلٌ غيرُ أبي سعيد، وأنَّ أبا سعيد مصوِّبٌ للإنكار، مستدِلٌّ على صحته، وفي الرواية الأخرى: أن أبا سعيد هو المنكرُ على مروان والمستَدِلُّ.
ووجهُ التلفيقِ (١) بينهما: أَن يقال: إنَّ كلَّ واحد مِنَ الرجل وأبي سعيد أنكَرَ على مروان؛ فَرَأى بعضُ الرواةِ إنكارَ الرجل، ورأى بعضهم إنكارَ أبي سعيد. وقيل: هما واقعتان في وقتَينِ، وفيه بُعدٌ.
وفيه من الفقه: أنَّ سنن الإسلامِ لا يجوزُ تغييرُ شيء منها ولا مِن ترتيبها، وأنَّ تغييرَ ذلك منكَرٌ يجبُ تغييره ولو على الملوكِ إذا قُدِرَ على ذلك، ولم يَدعُ إلى منكرٍ أكبَرَ من ذلك.
وعلى الجملة: فإذا تحقَّق المنكَرُ وجَبَ تغييرُهُ على مَن رآه، وكان قادرًا على تغييره؛ وذلك كالمُحدَثَاتِ والبِدَع، والمجمعِ على أنَّه منكَر، فأمَّا