سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَليُغَيِّرهُ بِيَدِهِ، فَإِن لَم يَستَطِع فَبِلِسَانِهِ، فَإِن لَم يَستَطِع فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَانِ.
رواه أحمد (٣/ ١٠ و ٢٠ و ٤٩ و ٥٤ و ٩٢)، ومسلم (٤٩)، وأبو داود (١١٤٠)، والترمذي (٢١٧٣)، والنسائي (٨/ ١١١)، وابن ماجه (٤٠١٣).
ــ
إن لم يكن كذلك، وكان مما قد صار إليه الإمام، وله وجهٌ مَّا من الشرع، فلا يجوزُ لمن رأى خلافَ ذلك (١) أن يُنكِرَ على الإمام؛ وهذا لا يُختَلَفُ فيه. وإنما اختلف العلماء: فيمن قلَّده السلطانُ الحِسبةَ في ذلك، هل يَحمِلُ الناسَ على رأيِه ومذهبِهِ أم لا؟ على قولَين.
و(قوله: مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا، فَليُغَيِّرهُ بِيَدِهِ) هذا الأمرُ على الوجوب؛ لأنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكر من واجباتِ الإيمان، ودعائمِ الإسلام، بالكتابِ والسنة وإجماع الأمة، ولا يُعتَدُّ بخلافِ الرافضة في ذلك؛ لأنَّهم إمَّا مكفَّرون؛ فليسوا من الأمة، وإمَّا مبتدعون؛ فلا يُعتَدَّ بخلافهم؛ لظهور فِسقهم؛ على ما حقَّقناه في الأصول.
ووجوبُ ذلك بالشرعِ لا بالعقل؛ خلافًا للمعتزلة القائلين بأنَّه واجبٌ عقلاً، وقد بيَّنَّا في الأصول أنَّه لا يجبُ شيءٌ بالعقل، وإنما العقلُ كاشفٌ عن ماهيَّاتِ الأمور، ومميِّزٌ لها، لا مُوجِبٌ شيئًا منها. ثم إذا قلنا: إنَّ الأمر بالمعروفِ، والنهيَ عن المنكر واجبٌ، فذلك على الكفاية، مَن قام به أجزَأَه عن غيره؛ لقوله تعالى: وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ولوجوبه شرطان:
أحدهما: العلمُ بكون ذلك الفعلِ مُنكَرًا أو معروفًا.