للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَزَلَ: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إِلَى قَولِهِ: إِن تَتُوبَا إلى الله (لِعَائِشَةَ وَحَفصَةَ)

ــ

أنزل عليه معاتبته على ذلك، وحوالته على كفارة اليمين بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}؛ يعني: العسل المحرم بقوله: (لن أعود له) {تَبتَغِي مَرضَاتَ أَزوَاجِكَ}؛ أي: تفعل ذلك طلبًا لرضاهنَّ {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ غفور: لما أوجب المعاتبة، رحيم: برفع المؤاخذة. {قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمَانِكُم وَاللَّهُ مَولاكُم وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ}؛ أي: قدَّر وبيَّن. والفرض: التقدير. وتحلة اليمين: ما يستحل به الخروج عن اليمين. وهي التي قال الله تعالى فيها: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغوِ فِي أَيمَانِكُم وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُمُ الأَيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} الآية. والأيمان: جمع يمين. واليمين التي حلف النبي صلى الله عليه وسلم بها هي قوله: (وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدًا). وهذا أصحّ ما قيل في هذه الآية، وأجوده.

وقد روى النسائي من حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرَّمها، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآيات (١). وكأنَّ ابن عباس أشار إلى هذا الحديث حيث قال: إن الرَّجل إذا حرَّم عليه امرأته فهي يمين يكفرها. وقال: {لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ}

وقد اختلف السَّلف ومن بعدهم في تحريم الزوجة اختلافًا كثيرًا. مجموعه فيما بلغنا أربعة عشر قولًا:

أحدها: لا شيء عليه. وبه قال الشعبي، ومسروق، وأبو سلمة، وأصبغ. وهو عندهم كتحريم الماء والطعام.

وثانيها: هي ظهار، ففيها كفارة ظهار. قاله إسحاق.

وثالثها: كفارة يمين. قاله ابن عباس، وبعض التابعين.

ورابعها: إن نوى الطلاق؟ فواحدة بائنة، إلا أن ينوي ثلاثًا، فإن نوى اثنتين


(١) رواه النسائي في الكبرى (١١٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>