للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هِيَ أَوسَمُ مِنكِ، وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنكِ، فَتَبَسَّمَ أُخرَى، فَقُلتُ: آَستَأنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَم، فَجَلَستُ، فَرَفَعتُ رَأسِي فِي البَيتِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيتُ فِيهِ شَيئًا يَرُدُّ البَصَرَ إِلَّا أُهَبًا ثَلَاثَةً. فَقُلتُ: ادعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَن يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ، فَقَد وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُم لَا يَعبُدُونَ اللَّهَ، فَاستَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ: أَفِي شَكٍّ أَنتَ يَا بنَ الخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَومٌ عُجِّلَت لَهُم طَيِّبَاتُهُم فِي حَيَاتهم الدُّنيَا.

وفي رواية: فقال: أَمَا تَرضَى أَن تَكُونَ لَهُم الدُّنيَا، وَلَنَا الآخِرَةُ. ولم

ــ

الأفعال: كَشَرَ: أبدى أسنانه تبسُّمًا، أو غضبًا.

و(قوله: فقلت: آستأنس يا رسول الله؟ قال: نعم) هو على الاستفهام، فيكون بهمزتين: همزة الاستفهام دخلت على همزة المتكلم. فإن شئت حققتهما، وإن شئت حققت الأولى وسَهَّلت الثانية، ومعناه: آنبسط في الحديث انبساط المتأنس؟ الذي لا يخاف عتبًا، ولا لومًا. استأذنه في ذلك. ومنه قوله تعالى: {وَلا مُستَأنِسِينَ لِحَدِيثٍ}

و(الأهب): جمع إهاب. وهو: الجلد غير مدبوغ. ويقال له أيضًا: أَفِيقٌ. فإذا جعل في الدِّباغ سُمِّي: منيئة. فإذا دبغ، فهو: أديم. ورُوي: (أُهُبٌ) - بضم الهاء -: جمع إهاب؛ كحمار، وحُمُر. ويروى بفتح الهاء والهمزة، كأنَّه جمع: أَهَبَة وأهب؛ كثمرة وثمر، وشجرة وشجر.

و(قوله: حين استوى جالسًا: (أفي شك أنت يا بن الخطاب؟ ! ) إنكار منه على عمر لما وقع له من الالتفات إلى الدنيا، ومدِّ عينيه إليها. وقد بالغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجواب والردع بقوله: (أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم) وبقوله: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ ). وفيه حجة على تفضيل الفقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>