للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يذكر: أولئك قوم. فقلت: استَغفِر لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَانَ أَقسَمَ أَلَا يَدخُلَ عَلَيهِنَّ شَهرًا مِن شِدَّةِ مَوجِدَتِهِ عَلَيهِنَّ، حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ. قالت عَائِشَةَ: لَمَّا مَضَى تِسعٌ وَعِشرُونَ لَيلَةً، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِي. فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَقسَمتَ أَن لَا تَدخُلَ عَلَينَا شَهرًا، وَإِنَّكَ دَخَلتَ مِن تِسعٍ

ــ

و(قوله: وكان أقسم: ألا يدخل عليهن شهرًا من أجل موجدته عليهن) هذا يدلُّ: على أن المُؤلِي لا يُلزم إيقافه إذا حلف على أقل من أربعة أشهر، كما قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤلُونَ مِن نِسَائِهِم تَرَبُّصُ أَربَعَةِ أَشهُرٍ} فإن حلف على زيادة عليها لزم إيقافه، فإما حنَّثَ نَفسَهُ ووطِئ، وإما طلق؛ هذا مذهب جمهور الصحابة، والتابعين وأئمة الفتيا (١).

ولم يعتبر مالك الزيادة القليلة مثل الأيام اليسيرة، ورأى: أن لها حكم الأربعة الأشهر. واعتبرها غيره؛ لأنها زيادة على ما حدَّده الله تعالى. ولو اقتصر عندهم على الأربعة الأشهر لم يكن موليًا.

وذهب الكوفيون: إلى أنه مول. وشذ ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن في آخرين معهم فقالوا: إن حلف على ألا يجامعها يومًا، أو أقل، ثم تركها حتى مضت أربعة أشهر فهو مول.

وروي عن ابن عمر (٢) عكس هذا: أن كل من وقَّت ليمينه وقتًا، وضرب مدَّةً - وإن طالت - فليس بمولٍ، وإنما المولي من حلف على الأبد.

وسبب خلافهم اختلافُهم في فهم الآية. وحجة الجمهور منها واضحة. ولا خلاف بينهم أنَّه لا يقع عليه طلاق قبل الأربعة الأشهر، وأنه لو أحنث نفسه قبل تمامها سقط الإيلاء عنه.

ثم اختلفوا: هل بانقضاء الأربعة الأشهر يقع الطلاق؟ وهو قول الكوفيين، ويقدرون الآية؛ فإن فاءوا فيهنَّ، أو حتى يوقف الزوج، فإمَّا فَاءَ، وإمَّا طلق، أو طلق عليه السلطان؟ وهو قول الجماهير، وهو ظاهر قوله تعالى: {وَإِن عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ولو وقع الطلاق بمضيِّ المُدَّة؛


(١) في (ع) و (ج ٢): الفقهاء، والمثبت من (ل ١).
(٢) في (ع): ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>