للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٥٧٠] وعَن أبي هريرة: عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَن أَعتَقَ شِقصًا لَهُ

ــ

عنهما ـ وهو أتقن ما روي عن نافع من ذلك، وأكمله. فلنبحث عن كلماته. فـ (من) بحكم عمومها تتناول كُلَّ من يلزمه العتق. وهم المكلفون، الأحرار، المسلمون، ذكرهم، وأنثاهم. فمن أعتق نصيبه منهم في مملوك مشترك نفذ عِتقه في نصيبه، وقوَّم عليه نصيب شريكه إن كان موسرًا، ودفعت القيمة للشريك، وكُمِّل على المبتدئ بالعتق. فلو من ليس بمكلف من صبي، أو مجنون لم يلزمه العتق، ولم يكمل عليه. وكذلك لو العبد بغير إذن سيده. فلو أذن له السيد أو أجاز انتقل الحكم إليه، ولزمه العتق، وكمل عليه.

وأما الكفار: فلا يصح العتق الشرعي منهم. إمَّا لأنَّهم غير مخاطبين بالفروع. وإما لأن صحة القرب الشرعية موقوفة على الإسلام. فلو كان العبد مسلمًا وسيداه نصرانيين، فأعتق أحدهما كمل عليه؛ لأنه حكم بين مسلم وذمي. وكذلك لو كان العبد وأحدُ سيديه نصرانيين، فأعتق النصراني كمّل عليه لحقِّ المسلم على قول أشهب، ومطرِّف، وابن الماجشون. وفي المختصر الكبير: لا يقوَّم عليه. وقال ابن القاسم: إن كان العبد مسلمًا قوَّم عليه، وإلا فلا، بناءً على أن القُربَ لا تصحُّ منهم، ولا يجبرون عليها.

و(الشرك): النصيب. ومنه قوله تعالى: {وَمَا لَهُم فِيهِمَا مِن شِركٍ} ويكون بمعنى: الشريك. لقوله تعالى: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} ويكون بمعنى: الاشتراك، كما جاء في حديث معاذ: أنه أجاز من أهل اليمن الشرك (١). يعني: الاشتراك في الأرض.

و(الشَّقصُ) والشُّقَيصُ: النصيب والجزء. والتشقيص: التجزئة.


(١) انظر كتاب الأموال لأبي عبيد، باب: تقسيم الأراضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>