قد تقدَّم بيانه لحكم الله تعالى بإبطاله، إذ لو لم يتقدَّم بيان ذلك لبدأ الآن ببيان الحكم لا بتوبيخ الفاعل، لأنه باق على البراءة الأصلية. وهذه التأويلات الثلاث لعلمائنا.
الرابع: ما قاله الطحاوي: أن الشافعي روى هذه اللفظة عن مالك عن هشام بن عروة بإسناده، ولفظه، وقال فيها:(واشرطي لهم الولاء) - بغير تاء -، وقال: معناه: أظهري لهم حكم الولاء؛ لأن الإشراط هو: الإظهار في كلام العرب. قال أوس بن حُجر:
فأشرط فيها نفسه وهو معلم ... وألقى بأسباب له وتوكلًا
يعني: أظهر نفسه لما حاول أن يفعل.
قلت: وهذه الرواية مما انفرد بها الشافعي عن مالك، والجمهور من الأئمة الحفاظ على ما تقدم من ذلك.
و(قوله: من شرط شرطًا ليس في كتاب الله، فهو باطل) أي: ليس مشروعًا في كتاب الله لا تأصيلًا ولا تفصيلًا. ومعنى هذا: أن من الأحكام والشروط ما يوجد تفصيلها في كتاب الله تعالى؛ كالوضوء، وكونه شرطًا في صحة الصلاة. ومنها: ما يوجد فيه أصله، كالصلاة، والزكاة، فإنهما فيه مجملتان. ومنها: ما أصل أصله. وهو كدلالة الكتاب على أصلية السُّنة والإجماع والقياس. فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلًا فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلًا، كما قد بيَّناه في أصول الفقه.
وعلى هذا فمعنى الحديث: أن ما كان من الشروط مما لم يدل على صحته