للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَن أَعتَقَ؟ !

رواه أحمد (٦/ ٨١ - ٨٢)، والبخاري (٢١٥٥)، ومسلم (١٥٠٤) (٨ و ٩)، وأبو داود (٢٢٣٣)، والترمذي (١١٥٤)، والنسائي (٦/ ١٦٤ - ١٦٥)، وابن ماجه (٢٥٢١).

* * *

ــ

و(قوله: إنما الولاء لمن أعتق) هذا حصر للولاء على من باشر العتق بنفسه من كان من رجل أو امرأة ممن يصح منه العتق، ويستقل بتنفيذه. وقوة هذا الكلام قوة النفي والإيجاب. فكأنه قال: لا ولاء إلا لمن أعتق. وإيَّاه عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (شرط الله أوثق) في أصحِّ الأقوال وأحسنها. وقال الداودي: هو قوله تعالى: {فَإِخوَانُكُم فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُم}، {وَإِذ تَقُولُ لِلَّذِي أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِ وَأَنعَمتَ عَلَيهِ} وقال: {وَلا تَأكُلُوا أَموَالَكُم بَينَكُم بِالبَاطِلِ} وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}

وهو حجة على أبي حنيفة وأصحابه القائلين: بأن من أسلم على يديه رجل فولاؤه له. وبه قال الليث، وربيعة، وعلي وإسحاق في حكمه بثبوت الولاء بالالتقاط. وعلى أبي حنيفة في حكمه بثبوت الولاء بالموالاة. ولمن قال: إن من أعتق عبده عن غيره أو عن المسلمين إن ولاءه له أعني للمعتق. وإليه ذهب ابن نافع فيمن أعتق عن المسلمين. ويلزمه فيمن أعتق عن غيره مطلقا. وخالفه في ذلك مالك، والجمهور، متمسكين بأن مقصود الحديث بيان حكم من أعتق عن نفسه بدليل اتفاق المسلمين: على أن الوكيل عن العتق معتق. ومع ذلك فالولاء للمعتق عنه إجماعًا، فكذلك حكم من أعتق عن الغير، وتقدره الشافعية أنه مَلَكَه ثم ناب عنه في العِتق. وأما أصحابنا فإنهم قالوا: لا يحتاج إلى تقدير ذلك؛ لأنه يصح العتق عن الميت، وهو لا يملك. وفيه نظر، فإنه إن لم يُقَدَّر الملك لزم منه هبة الولاء. وقد النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء، وعن هبته. وإن قُدَّر الملك لم يصح العتق عن

<<  <  ج: ص:  >  >>