للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الميت؛ لأنه لا يملك. ويُتَخَلَّص عن هذا الإشكال ببحث طويل لا يليق بما نحن بصدده.

ومسائل هذا الباب وفروعه كثيرة، لكن نذكر منها ما لها تعلُّق قريب بالحديث الذي ذكرناه، وهي ثماني مسائل:

الأولى: جواز كتابة من لا مال له ولا صنعة. فإن بريرة كانت كذلك. وإليه ذهب مالك، والشافعي، والثوري، غير أن مالكا في المشهور كره كتابة الأنثى؛ التي لا صنعة لها. وكرهها أيضًا الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وروي مثله عن ابن عمر.

وهذا كلُّه يدل على أن (الخير) في قوله تعالى: {إِن عَلِمتُم فِيهِم خَيرًا} لم يرد به المال، بل: الدين، والأمانة، والقوة على الكسب. وقد ذهب قوم إلى أنه المال، فمنعوا ما أجازه المتقدمون، والحديث حجة عليهم.

الثانية: إن المكاتب عبدٌ ما بقي عليه شيء من الكتابة. وهو قول عامَّة العلماء، وفقهاء الأمصار. وحكي عن بعض السلف: إنه بنفس عقد الكتابة حرٌّ، وهو غريم بالكتابة، ولا يرجع إلى الرِّق أبدًا. وحكي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: إنه إن عجز عتق منه بقدر ما أدَّى. وحكي عن عمر، وابن مسعود، وشريح: إنه إذا أدَّى الثلث من كتابته، فهو حرٌّ وغريم بالباقي. وعن بعض السَّلف: الشَّطر. وعن عطاء: مثله؛ إذا أدَّى الثلاثة الأرباع. وقد روي عن ابن مسعود، وشريح مثله؛ إذا أدَّى قيمته. وأضعف هذه الأقوال قول من قال: بعقد الكتابة يكون حرًّا، وغريِمًا بالكتابة، فإن حديث بريرة هذا يردُّه، وكذلك كتابة سلمان، وجويرية؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم حكم لجميعهم بالرِّق حتى ودُّوا (١) الكتابة.

وهذه الأحاديث أيضًا حجة للجمهور على أنَّ المكاتَب على حكم الرِّق ما بقي عليه


(١) وَدَوْا: أعطوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>