للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا أَن يَجِدَهُ مَملُوكًا فَيَشتَرِيَهُ، فَيُعتِقَهُ.

رواه أحمد (٢/ ٢٣٠)، ومسلم (١٥١٠)، وأبو داود (٥١٣٧)، والترمذيُّ (١٩٠٦)، وابن ماجه (٣٦٥٩).

* * *

ــ

والمعنى: أنَّه لا يقوم بما له عليه من الحقوق حتى يفعل معه ذلك. وقد بينا فيما سبق وجه مناسبة ذلك.

و(قوله: إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه، فيعتقه) ظاهره: أنه لا يعتق عليه بمجرد الملك، بل: حتى يعتقه هو. وإليه ذهب أهل الظاهر، وقالوا: لا يعتق أحدٌ من القرابة بنفس الملك، ولا يلزم ذلك فيهم. بل إن أراد أن يعتق فحسن. وخالفهم في ذلك جمهور علماء الأمصار (١)، غير أنهم في تفصيل ذلك مختلفون. فذهب مالك فيما حكاه ابن خوازمنداذ: إلى أن الذي يعتق بالملك عمودا النسب (٢) علوًّا وسفلًا خاصة. وبه قال الشافعي.

ومشهور مذهب مالك: عمودا النسب، والجناحان: وهما الإخوة. وذكر ابن القصَّار عن مالك: ذوو الأرحام المحرمة. وبه قال أبو حنيفة. ومتعلق الظاهرية من الحديث ليس بصحيح؛ لأن الله تعالى قد أوجب علينا الإحسان للأبوين، كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا} فقد سوَّى بين عبادته وبين الإحسان للأبوين في الوجوب. وليس من الإحسان أن يبقى والده في ملكه، فإذا يجب عتقه، إما لأجل الملك عملًا بالحديث، أو لأجل الإحسان عملًا بالآية. والظاهرية لجهلهم بمقاصد الشرع تركوا العمل بكل واحد منهما للتمسك بظاهر لم يحيطوا بمعناه.


(١) في (م): علماء الأمة.
(٢) في (ل ٢): عمودي النسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>