يقال: سألني فأسألته. وطلبني فأطلبته. فالعريَّة: اسم للنخلة المعطى ثمرها. فهي اسم لعطيَّة خاصة. وقد سمت العرب عطايا خاصة بأسماء خاصة، كالمنيحة: لعطية الشاة لِلَّبن. والإفقار: لما ركب فقاره. والإخبال: لما ينتفع به من المال.
قلت: فقد حصل من نقل أهل اللغة: أن العرية عطية؛ لا بيعٌ. ولما ثبت ذلك فسَّر مالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، والأوزاعي العرية المذكورة في الحديث: بأنَّها إعطاء الرَّجل من جملة حائطه نخلة أو نخلتين عامًا، على ما تقتضيه اللغة. غير أنهم اختلفوا في شروط كثيرة، وأحكام متعددة. وحاصل مذهب مالك في العرية: أنها عطية ثمرة نخلة أو نخلات من حائط، فيجوز لمن أُعطيها أن يبيعها إذا بدا صلاحها من كل أحد بالعين، والعروض، ومن معطيها خاصة بخرصها تمرًا، وذلك بشروط:
أحدها: أن تكون أقل من خمسة أوسقٍ. وفي الخمسة خلاف.
وثانيها: أن تكون بخرصها من نوعها ويابسها نخلًا، وعنبًا. وفي غيرهما مما يوسق، ويدخر للقوت، خلاف.
وثالثها: أن يقوم بالخرص عند الجداد.
ورابعها: أن يكون المشترى جملتها، لا بعضها.
وخامسها: أن يكون بيعها عند طيبها، فلو باعها من المُعرِي قبل ذلك على شرط القطع لم يجز، لتعدِّي محل الرُّخصة.
وأما الشافعي: فالعرية عنده: بيع الرُّطب في رؤوس النخل بتَمر مُعَجَّل. فلم يعرج على اللغة المعروفة فيها. وكأنه اعتمد في مذهبه على تفسير يحيى بن سعيد راوي الحديث، فإنه قال: العرية: أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبًا بخرصها تمرًا. وهذا لا ينبغي أن يعوَّل عليه؛ لأن يحيى بن سعيد ليس صحابيًّا، فيقال: فهمه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت به عرف غالب