شرعي حتى يرجِّحه على اللغة. وغايته: أن يكون رأيًا ليحيى، لا رواية له، ثم يعارضه بتفسير ابن إسحاق، فإنه قال: العرايا: أن يهب الرجل للرجل النخلات، فيّشق عليه أن يقوم عليها، فيبيعها بمثل خرصها. ثم هو عين المزابنة المنهي عنها، ووضع رخصة في موضع لا ترهق إليه حاجة وكيدة، ولا تندفع بها مفسدة، فإن المشتري لها بالتمر متمكن من بيع تمره بعين أو عروض، ويشتري بذلك رطبًا، فإن قيل: قد يتعذَّر هذا. قيل: فأجدر بيع الرُّطب بالتمر؛ إذا كان لا على رؤوس النخل؛ إذ قد يتعذر بيع التمر على من هو عنده ممن يريد أن يشتري الرطب به، ولا يجوز ذلك، فلا يجوز تفسير العرية بما ذكروا.
وأمَّا أبو حنيفة: فإنَّه فسَّر العرية بما إذا وهب رجل ثمر نخلة، أو نخلات، ولم يقبضها الموهوب له، فأراد الواهب أن يعطي الموهوب له تمرا، ويتمسك بالثمرة، جاز له ذلك؛ إذ ليس من باب البيع، وإنما هو من باب الرجوع في الهبة؛ التي لم تجب بناء على أصله في أن الهبة لا تجب إلا بالقبض. وهذا المذهب إبطال لحديث العرية من أصله فيجب اطراحه. وذلك: أن حديث العرية تضمن أنه بيع مُرَخَّص فيه في مقدار مخصوص. وأبو حنيفة يلغي هذه القيود الشرعية.
و(قوله: ورخص في بيع العرية بخرصها تمرًا يأكلها أهل البيت رطبًا) الخِرصُ -بكسر الخاء - هو: اسم للمخروص، وبفتح الخاء هو: المصدر. والرواية هنا: بالكسر. و (أهل البيت) - على مذهب مالك ومن قال بقوله -: هم المُعرُون، فيضمنون مقدار العرية، فيدفعون ذلك للمعرى له تمرًا عند الجداد رفقًا به حيث كفي المؤن، وأعطي ما يقتات به. ويحصل من ذلك للمعري (١) دفع ضرر