رواه أحمد (٢/ ٣١٧ و ٣٨٦ و ٤٧٩)، والبخاري (٥٥٧٨)، ومسلم (٥٧)، وأبو داود (٤٦٨٩)، والترمذي (٢٦٢٧)، والنسائي (٨/ ٦٤)، وابن ماجه (٣٩٣٦).
* * *
ــ
و(قوله: وَالتَّوبَةُ مَعرُوضَةٌ بَعدُ) هذا منه - صلى الله عليه وسلم - إرشادٌ لمن وقَعَ في كبيرة أو كبائرَ إلى الطريقِ التي بها يتخلَّصُ، وهي التوبةُ. ومعنى كونها معروضةً، أي: عرَضَهَا الله تعالى على العباد، حيثُ أمرهم بها وأوجَبَهَا عليهم، وأخبَرَ عن نفسه أنَّه تعالى يقبلُهَا؛ كلُّ ذلك فَضلٌ من الله تعالى، ولُطفٌ بالعبد؛ لِمَا عَلِمَ الله تعالى مِن ضَعفِهِ عن مقاومةِ الحواملِ على المخالفاتِ، التي هي: النفسُ والهوَى، والشيطانُ الإنسيُّ والجِنِّيُّ، فلمَّا عَلِمَ الله تعالى أنَّه يقع في المخالفات، رحمه بِأَن أرشدَهُ إلى التوبة، فعرَضَهَا عليه وأوجبها، وأخبَرَ بِقَبُولها. وأيضًا: فإنَّه يجبُ على النُصَحاءِ أن يعرضوها على أهل المعاصي ويُعرِّفوهم بها، ويوجبوها عليهم، وبعقوبةِ الله تعالى لِمَن تركها، وذلك كلُّه لطفٌ مُتَّصِلٌ إلى طلوع الشمس مِن مغربها، أو إلى أن يُغَرغِرَ العبدُ؛ كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وبَعدُ: ظرفٌ مبنيٌّ على الضمِّ؛ لقطعِهِ عن الإضافة لَفظًا، وإرادةِ المضافِ ضِمنًا، ويقابلها قَبلُ؛ كما قال الله تعالى: لِلَّهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ.