وقال: إنه من قول مالك. وقال ابن نافع: تكرى بجميع الأشياء كلها؛ ما أكل منها وما لم يؤكل؛ خرج منها، أو لم يخرج؛ إذا كان ما تكرى به بخلاف ما يزرع فيها، وكأن مالكا رحمه الله جمع بين الأدلة، فحمل أحاديث النهي على كرائها بالطعام أو بما تنبت. وأدلة الإباحة على ما عدا ذلك، وفهم: أن علة المنع: الرِّبا. وذلك: أن الأرض تكرى ليخرج منها الطعام، فجعل لها حكم الطعام، فلا يجوز أن تكرى بطعام؛ لأنه يضارع طعامًا بطعام إلى أجل. وقد شهد بصحة ما رآه ما جاء في بعض ألفاظ حديث رافع بن خديج؛ فيما خرَّجه أبو داود: أنه زرع أرضًا فمرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسقيها، فسأله:(لمن الزرع؟ ولمن الأرض؟ ) فقال: زرعي بيدي وعملي، لي الشطر، ولبني فلان الشطر. فقال:(أربيتما، فرُدَّ الأرض إلى أهلها، وخذ نفقتك)(١). وهذا صريح: في أن ذلك من باب الربا وجهته. وهذا في الطعام واضح. وأما فيما ليس بطعام مما تنبته فسدٌ للذريعة على أصله، والله تعالى أعلم. وهذا القدر كاف. وقد كتبنا في هذه المسألة جزءًا حسنا.
و(قوله: كنا نأخذ الأرض بالثلث والربع في الماذيانات) الماذيانات معروفة - بكسر الذال-، وقد فتحت وليست عربية، ولكنها سوادية. قاله الإمام. وهي: مسايل الماء. والمراد بها ها هنا: ما ينبت على شطوط الجداول، ومسايل الماء. وهو من باب تسمية الشيء باسم غيره إذا كان مجاورًا له أو كان منه بسبب.
و(أقبال الجداول) - بفتح الهمزة -: أوائلها. و (الجداول): السواقي.