للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونصَّه ما قد بيَّنَّاه (١). وهو يدل: على هذا الشرط بدليل المفهوم. وحديث أبي هريرة الذي في الأصل يدلُّ على إلغاء ذلك الشرط (٢) بدليل العموم. والتمسك به راجح على التمسك بالمفهوم كما ذكرناه في أصول الفقه. فتأمل هذا، فإنَّه حَسنٌ بالغٌ. والشافعي حيث تمسك بما رواه أبو داود من ذلك كان يلزمه أن يفرِّق بين الموت والفَلَس؛ لأن الحديث واحد، فإنه قال فيه: (وأيُّما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا، أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء) (٣). فأخذ ببعضه، وترك بعضه لحديث مجهول، كما قد بيَّنَّاه.

وما تقدَّم من الأحاديث في المفلس تدلُّ على أن جميع ما عليه من الدَّين يدخل في المحاصَّة، ما حل منها، وما لم يحل. وهو قول الجمهور، خلا أن الشافعي قال في أحد قوليه: لا يحل عليه من دين مؤجل. وهذا ليس بصحيح للأحاديث المتقدِّمة؛ ولأنه إذا خربت ذمَّة المفلس فقد لا تنعمر. فلا يحصل لمن تأخر دينه شيء مع أنه يمكن أن يكون عِوَض دينه موجودًا حال الفلس، أو بدله، فيؤخذ شيئه ولا يحصل له شيء، وإذا كان ذلك في الفلس كان الموت بذلك أولى. وهو متفق عليه، إلا ما يحكى عن الحسن أنه قال: لا يحل ما على الميت من دين مؤجل. وهو محجوج بما تقدَّم؛ وبأن الدَّين إما أن يبقى متعلقًا بذمة الميت، وهو محالٌ لذهابها، أو بذمَّة الورثة، وهو محال لعدم الموجب. ثم لا يلزم صاحب الدَّين اتباع ذمَّتهم، وتسليم التركة إليهم. أو يبقى هذا الدَّين لا في ذمَّة؛ فلا يطالب به أحدٌ، وهو محال. فلم يبق إلا ما ذكرناه، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) في (ج ٢) ما قدمناه.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٣) رواه أبو داود (٣٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>