للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جميع أجزائها، حتى عظمها، وقرنها، ولا يستثنى عندنا منها شيء إلا ما لا تحله الحياة كالشعر، والصوف، والوبر، فإنه طاهر من الميتة، وينتزع من الحيوان في حال حياته وهو قول مالك، وأبي حنيفة. وزاد أبو حنيفة، وابن وهب من أصحابنا إلى ذلك: أن العظم من الفيل وغيره، والسن، والقرن، والظلف، كلها لا تَحُلُّها الحياة، فلا تنجس بالموت.

والجمهور على خلافهما في العظم، وما ذكر معه، فإنها تحله الحياة. وهو الصحيح. فإن العظم والسن يألم، وتُحَسُّ به الحرارة والبرودة، بخلاف الشعر، وهذا معلوم بالضرورة. فأمَّا أطراف القرون، والأظلاف، وأنياب الفيل: فاختلف فيها. هل حكمها حكم أصولها فتنجس؟ أو حكمها حكم الشعر؟ على قولين.

وأمَّا الريش: فالشعري منه شعرٌ، وأسفله عظم. ومتوسطه؛ هل يلحق بأطرافه أو بأصله؟ فيه قولان لأصحابنا. وقد قال بنجاسة الشعر الحسن البصري، والليث بن سعد، والأوزاعي، لكنها تطهر بالغسل عندهم، فكأنها عندهم نجسة بما يتعلق بها من رطوبات الميتة. وإلى نحو من هذا ذهب ابن القاسم في أنياب الفيل فقال: تطهر إن سُلِقَت بالماء.

وعن الشافعي في الشعور ثلاث روايات:

إحداها: أن الشعر ينجس بالموت.

والثانية: أنها طاهرة كقولنا.

والثالثة: أن شعر ابن آدم وحده طاهر، وأن ما عداه نجس.

وأمَّا الميتة: فلا تباع قبل الدباغ، ولا ينتفع بها؛ لأنها كلحم الميتة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب) (١) وأما بعد الدِّباغ؛ فمشهور مذهب مالك: أنها لا تطهر بالدِّباغ، وإنما ينتفع بها. وهو مذهب جماعة


(١) رواه أبو داود (٤١٢٨)، والترمذي (١٧٢٩)، والنسائي (٧/ ١٧٥)، وابن ماجه (٣٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>