للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من أهل العلم. وعلى هذا فلا يجوز بيعها، ولا الصلاة عليها، ولا بها، ولا ينتفع بها إلا في اليابسات دون المائعات، إلا في الماء وحده.

وذهب الجمهور من السَّلف، والخلف: إلى أنها تطهر طهارة مطلقة، وأنها يجوز بيعها، والصلاة عليها، وبها. وإليه ذهب الشافعي، ومالك في رواية ابن وهب. وهو الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: (أيُّما إهاب دبغ فقد طهر) (١) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (دباغ الإهاب طهوره) (٢) وغير ذلك. وكلها صحيح.

ومما لا يجوز بيعه لأنه ميتة جسد الكافر. وقد أُعطي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق في جسد نوفل بن عبد الله المخزومي عشرة آلاف درهم. فلم يأخذها، ودفعه إليهم، وقال: (لا حاجة لنا بجسده، ولا بثمنه) (٣).

وأمَّا الخنزير، وهو الحيوان المعروف البريُّ، ولا تعرف العرب في البحر خنزيرًا. وقد سُئل مالك عن خنزير الماء؟ فقال: أنتم تسمونه خنزيرًا؛ أي: لا تسمِّيه العرب بذلك. وقد اتَّقاه مرة أخرى على جهة الورع، والله تعالى أعلم.

فأمَّا البري: فلا خلاف في تحريمه، وتحريم بيعه، وأنه لا تعمل الذكاة فيه. ومن هنا قال كافة العلماء: إن جلده لا يُطَهِّرهُ الدِّباغ، وإنما يُطَهِّرُ الدباغ جلد ما تعمل الذكاة في حيه. وألحق الشافعي بالخنزير الكلب، فلا يطهر جلده عنده. وقال الأوزاعي، وأبو ثور: إنما الدِّباغ جلد ما يؤكل لحمه.

وقد أجاز مالك تذكية السِّباع والفيل لأخذ جلودها، وهذا إنما يتمشى على قوله بكراهة لحومها. وأما


(١) رواه أبو داود (٤١٢٣)، والترمذي (١٧٢٨)، والنسائي (٧/ ١٧٣)، وابن ماجه (٣٦٠٩).
(٢) رواه أحمد (٣/ ٤٧٦)، وابن حبان (٢/ ٢٩١)، وانظر: بلوغ المرام لابن حجر رقم (٢٢) طبعة دار ابن كثير، وتحقيق يوسف علي بديوي.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (١٢/ ٤١٩) وانظر: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي ص ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>