للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيتَ شُحُومَ المَيتَةِ، فَإِنَّهُ يُطلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَستَصبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: لَا، هُوَ حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ

ــ

على ما قاله في الموطأ من أن السِّباع حرام: فلا تعمل الذكاة فيها، فلا تطهر جلودها بالدباغ، كالخنزير. وقد شذَّ داود، وأبو يوسف فقالا: إنه يطهر بالدِّباغ جلدُ كل حيوان، حتى الخنزير. ومتمسكهما: قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) (١). ويعتضد أبو يوسف بقياس جلد الخنزير على جلد الميتة. وينفصل الجمهور عنهما: بأن هذا العموم محمولٌ على نوع السبب الذي أخرجه. وهو ميتة ما تعمل الذكاة فيه، وبأن جلد الخنزير نادرٌ لا يخطر بالبال حالة الإطلاق، فلا يقصد بالعموم، كما قررناه في أصول الفقه، وبأنه: لا يقال: إهاب إلا على جلد ما يؤكل لحمه، كما قاله النَّضر بن شُمَيل. وأمَّا القياس: فليس بصحيح؛ لوجود الفرق. وذلك: أن الأصل: ميتة ما تعمل الذَّكاة فيه. والفرع: ميتة ما لا تعمل الذكاة فيه. فكانت أغلظ، وأفحش. والله تعالى أعلم.

وأمَّا الأصنام: فهي الصور المُتَخِذَةُ للعبادة، ولا خلاف في تحريم اتخاذها، وبيعها، وأنها يجب كسرها، وتغييرها. وكذلك كل صورة مجسدة، كانت صورة ما يعقل، أو ما لا يعقل. وأما ما كان رقما في ثوب أو بناء في حائط (٢)، ففيه تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى.

و(قوله - وقد سُئل عن بيع شحوم الميتة -: لا، هو حرام) نصٌّ في أنه يحرم بيعها؛ وإن كانت فيها منافع، وذلك: لأنها جزء من الميتة كاللحم، أو هي كالشحم مع اللحم، فإنه عنه يكون. ولا يلزم من تحريم بيعها، والحكم بنجاستها، ألا يجوز الانتفاع بها، على ما قدمناه. وهذا هو الذي يتمشى على مذهب مالك،


(١) سبق تخريجه في الصفحة السابقة.
(٢) انظر: كتاب اللباس، الباب رقم (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>