والقول هنا في الأطعمة. ولم يختلف في جريان الربا في هذه الأصناف الستة (١)، لكن هل تعلق حكم الرِّبا بأسمائها أم بمعانيها؟ فأهل الظاهر قصروه على أسمائها، فلا يجري الرِّبا عندهم في غير هذه الأصناف الستة. وفقهاء الأمصار من الحجازيين وغيرهم رأوا: أن ذلك الحكم متعلق بمعانيها. وتمسَّكوا في ذلك بما تقدَّم، وبأن الدقيق يجري فيه حكم الرِّبا بالاتفاق، ولا يصدق عليه اسم شيء من تلك الأصناف المذكورة في الحديث. فإن قيل: دقيق كل صنف منها مردودٌ إلى حَبِّه في حكمه. قلنا: فهذا اعتراف بأن الحكم لم يتعلَّق بأسمائها، بل بمعانيها. والله تعالى أعلم.
وقد اختلفوا في تعيين ذلك المعنى. فقال أبو حنيفة: إن علة ذلك كونه مكيلًا أو موزونًا جنسًا. وذهب الشافعي في القديم: إلى أن المعنى: هو أنه مأكول مكيل، أو موزون جنسًا. وفي الجديد: هو أنَّه مطعوم جنس. وحُكي عن ربيعة: أن العلة هي: كونه جنسًا تجب فيه الزكاة. واختلفت عبارات أصحابنا. وأحسن ما في ذلك هو كونه مقتاتًا، مدخرًا للعيش غالبًا جنسًا. ولبيان الأرجح من هذه العلل والفروع المبنية عليها علم الخلاف، وكتب الفروع.
و(قوله: البُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير) دليل على أنهما نوعان مختلفان؛
(١) في (م) و (ج ٢) و (ع): الأربعة. ويشير بذلك إلى المطعومات فقط. والمثبت من (ل ١).