للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي القِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزنًا بِوَزنٍ.

رواه مسلم (١٥٩١) (٨٩)، وأبو داود (٣٣٥١)، والنسائي (٧/ ٢٧٩).

ــ

وقد غفل الطَّحاوي في تأويل ذلك الحديث، حيث قال: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يُغبَن المسلمون في المغانم عمَّا (١) ذكرناه: من أن هذا البيع إنما كان بعد القسمة، ولو سلَّمنا أنها كانت قبل القِسمة لكان عدوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك المعنى إلى قوله: (الذهب بالذهب وزنًا بوزن) ضائعًا، لا معنى له؛ لأنه كان يلزم منه أن يعدل عن علَّة الحكم في وقت الحاجة إلى بيانه، وينطق بما ليس بعلَّة ولا يُحتاج إليه، بالنسبة إليه في تلك الواقعة.

ومن الناس من زاد على أبي حنيفة في الشذوذ، وهو حمَّاد بن أبي سليمان، فقال: يجوز بيع الذهب بالذهب الذي معه السِّلعة مطلقا، ولم يُفرَّق بين المنفردة والمضموم إليها السلعة في الأقل ولا الأكثر. وهذا طرح للحديث بالكلية، ولم يعرِّج على القاعدة الشرعية. فأما لو باع القلادة التي فيها الذهب بفضة، فذلك هو البيع والصَّرف، ولا يجوز عند مالك؛ لاختلاف حكم البيع والصرف، وسدًّا للذريعة. وهذا ما لم يكن أحدهما تابعًا للآخر، فإن كان ذلك جاز إلغاء للتَّبعيَّة.

وقال أشهب: إنَّه يجوز البيع والصَّرف مطلقا، وكل ما ذكرناه إنَّما هو فيما يمكن تفصيله. فأمَّا ما لا يمكن ذلك فيه، إما لتعذره حِسًّا، أو لأنَّه يؤدي إلى إتلاف مالية: فذلك إمَّا أن يكون ممنوع الاتخاذ، فلا يجوز فيه إلا المصارفة على اعتبار التبعية على ما ذكرناه آنفًا. وأما ما يجوز اتخاذه؛ كالسَّيف، والمصحف، والخاتم، وحلي النساء: فيجوز عندنا بيع ذلك كلِّه، بخلاف ما فيه من العين؛


(١) في (ل ١): كما.

<<  <  ج: ص:  >  >>