للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قَالَ: أَصبَحَ مِن عِبَادِي مُؤمِنٌ بِي وَكَافِرٌ؛ فَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ، وَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤمِنٌ بِالكَوكَبِ.

رواه أحمد (٤/ ١١٧)، والبخاري (٨٤٦)، ومسلم (٧١)، وأبو داود (٣٩٠٦)، والنسائي (٣/ ١٦٥).

ــ

و(قوله: أَصبَحَ مِن عِبَادِي مُؤمِنٌ بِي وَكَافِرٌ) ظاهره: أنَّه الكُفرُ الحقيقيُّ؛ لأنَّه قابَلَ به المؤمنَ الحقيقيَّ، فيُحمَلُ على مَنِ اعتقَدَ أنَّ المطر مِن فعل الكواكبِ وخَلقِها، لا مِن فِعلِ الله تعالى؛ كما يعتقده بعضُ جهَّال المنجِّمين والطبائعيِّين والعَرَب.

فأمَّا من اعتقَدَ أنَّ الله تعالى هو الذي خلَقَ المَطَرَ واخترعَهُ ثُمَّ تكلَّم بذلك القولِ، فليس بكافر؛ ولكنَّه مخطئٌ من وجهَين:

أحدهما: أنّه خالَفَ الشرع؛ فإنَّه قد حذَّر من ذلك الإطلاق.

وثانيهما: أنَّه قد تشبَّه بأهلِ الكفر في قولهم، وذلك لا يجوزُ؛ لأنَّا قد أَمَرَنَا بمخالفتهم؛ فقال: خَالِفُوا المُشرِكين (١)، وخَالِفُوا اليَهُودَ (٢). ونُهِينَا عن التشبُّهِ بهم؛ وذلك يقتضي الأَمرَ بمخالفتهم في الأفعالِ والأقوالِ على ما يأتي إن شاء الله تعالى، ولأنّ الله تعالى قد مَنَعَنا من التشبُّهِ بهم في النطق، بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا لمَّا كان اليهودُ يقولون تلك الكلمةَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يقصدون ترعينَهُ (٣)، مَنَعَنَا اللهُ مِن إطلاقها، وقولِهَا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وإن قَصَدنا بها الخيرَ؛ سَدًّا للذريعة، ومنعًا من التشبُّهِ بهم. فلو قال غير هذا اللفظ


(١) رواه البخاري (٥٨٩٢)، ومسلم (٢٥٩) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٢) رواه أبو داود (٦٥٢) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.
(٣) في هامش (م): يقصدون به عيبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>