للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٨] وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَصبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ، وَمِنهُم كَافِرٌ، قَالُوا: هَذِهِ رَحمَةُ اللهِ،

ــ

الممنوع يريدُ به الإخبارَ عمَّا أَجرَى الله به سُنَّتَهُ جاز؛ كما قال - عليه الصلاة والسلام -: إذا نشَأَت بَحرِيَّةٌ ثُمَّ تشاءَمَت، فَتِلكَ عَينٌ غَدِيقَةٌ (١).

و(قوله: فَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ) أي: مصدِّقٌ بأنَّ المطر خَلقِي لا خلقُ الكوكب، أَرحَمُ به عبادي، وأتفضَّل عليهم به، كما قال: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيثَ مِن بَعدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ.

والنَّوء لغةً: النهوضُ بثِقَلٍ، يقال: ناء بكذا: إذا نهَضَ به متثاقلاً؛ ومنه: لَتَنُوءُ بِالعُصبَةِ أي: لَتُثقِلُهُم عند النهوضِ بها (٢). وكانت العَرَبُ إذا طلع نجمٌ من المشرِقِ، وسقَطَ آخر من المغرب، فحدَثَ عند ذلك مطرٌ أو ريح: فمنهم مَن يَنسُبُهُ إلى الطالِعِ، ومنهم مَن ينسبه إلى الغارب (٣) الساقِطِ نِسبَةَ إيجادٍ واختراعٍ، ويُطلِقون ذلك القولَ المذكور في الحديث، فنهى الشرعُ عن إطلاقِ ذلك؛ لئلا يَعتَقِدَ أحدٌ اعتقادَهُم، ولا يتشبَّهَ بهم في نُطقهم، والله أعلم.

و(قوله: أَصبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ، وَمِنهُم كَافِرٌ) أصلُ الشكر: الظهورُ؛ ومنه قولهم: دابَّةٌ شَكُورٌ: إذا ظهر عليها من السِّمَن فوق ما تأكلُهُ من العلف. والشاكرُ: هو الذي يُثنِي بالنعمةِ ويُظهِرها ويعترفُ بها للمُنعِم، وجَحدُهَا: كفرانُهَا؛ فمَن


(١) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ٢١٧): رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرّد به الواقدي، قلت: وفي الواقدي كلام، وقد وثّقه غير واحد، وبقية رجاله لا بأس بهم، وقد وثقوا.
"غُدَيقة": أي: كثيرة الماء.
(٢) ساقط من (ع).
(٣) في (ط): الغايب، والمثبت من (م) و (ل). وهذا اللفظ ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>