للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يَحِلُّ لَهُ أَن يَبِيعَ حَتَّى يُؤذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِن شَاءَ أَخَذَ، وَإِن شَاءَ تَرَكَ،

ــ

يقال في ذلك - فيما يظهر لي -: إن حديث جابر الأول أرجح، لما قارنه من عمل الخلفاء، وجمهور العلماء، وأهل المدينة، وغيرهم، والله تعالى أعلم.

وأيضًا فإن أحاديث الجمهور مشهورة متفق على صحتها. وأحاديث الكوفيين ليست بمنزلتها في ذلك، فهي أولى.

تفريع: قال سفيان: الشريك أولى بالشفعة، ثمَّ الجار الذي حدُّه إلى حدَّه. وقال أبو حنيفة: الشريك في الملك، ثم الشريك في الطريق، ثم الجار الملاصق، ولا حق للجار الذي بينك وبينه الطريق.

و(قوله: لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه) وفي طريق أخرى: (لا يصلح) مكان: (لا يحل). هو محمول على الإرشاد إلى الأولى، بدليل قوله: (فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به). ولو كان ذلك على التحريم لذمَّ البائع، ولفسخ البيع، لكنه أجازه وصحَّحه، ولم يذمّ الفاعل، فدلَّ على ما قلناه. وقد قال بعض شيوخنا: إن ذلك يجب عليه.

و(قوله: فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك) يعني: إن شاء أخذ الشقص (١) بما أعطي به من الثمن؛ لأنه أحق به بعد البيع، فيكون له بما أعطي به من الثمن قبله. وفيه دليل: على أن من نزل عن الشفعة قبل وجوبها لزمه ذلك إذا وقع البيع، ولم يكن له أن يرجع فيه. وبه قال الثوري، وأبو عبيد، والحكم. وهي إحدى الروايتين عن مالك، وأحمد بن حنبل. وذهب مالك في المشهور عنه، وأبو حنيفة (٢)، وعثمان البتي، وابن أبي ليلى: إلى أن له الرُّجوع في ذلك، وهذا الخلاف جار في كل من أسقط شيئًا قبل وجوبه، كإسقاط الميراث قبل موت


(١) "الشقْص": القطعة من الشيء.
(٢) زاد في (ج ٢) والشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>