للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: مَا لِي أَرَاكُم عَنهَا مُعرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرمِيَنَّ بِهَا بَينَ أَكتَافِكُم.

رواه أحمد (٤/ ٤٦٣)، والبخاري (٢٤٦٣)، ومسلم (١٦٠٩)، وأبو داود (٣٦٣٤)، والترمذي (١٣٥٣)، وابن ماجه (٢٣٣٥).

ــ

قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس لجار أن يمنع جاره أن يضع أعواده على جداره). وفي رواية أخرى: (أن يضع جذوعه) وفي أخرى: (أن يغرز خشبًا) وفي أخرى: (أطراف خشب). فهذه الألفاظ جميعها توضح: أنه جمع (١).

و(قوله: ما لي أراكم عنها معرضين) الضمير في (عنها) يعود إلى (٢) المقالة التي صدرت منه لهم. وأنثها على المعنى. وهذا القول منه إنكارٌ عليهم، لما رأى منهم من الإعراض واستثقال ما سمعوه منه، وذلك: أنهم لم يقبلوا عليه، بل طأطؤوا رؤوسهم، كما رواه الترمذي (٣) في هذا الحديث.

و(قوله: والله لأرمين بها بين أظهركم) وفي أخرى: (لأضربن بها بين أعينكم وإن كرهتم) ذكرها أبو عمر (٤)؛ أي: لأحدثنكم بتلك المقالة التي استثقلتم سماعها من غير مبالاة. ولا تقية، وأوقعها بينكم كما يوقع السهم بين الجماعة.

ففيه من الفقه: تبليغ العلم لمن لم يرده، ولا استدعاه؛ إذا كان من الأمور المهمة. ويظهر منه: أن أبا هريرة كان يعتقد وجوب بذل الحائط لغرز الخشب، وأن السامعين له لم يكونوا يعتقدون ذلك. وأما رواية: (لأضربن بها أعينكم): فهي على جهة المثل؛ الذي قصد به الإغياء في الإنكار؛ لأنه فهم عنهم الإعراض عما


(١) ما بين حاصرتين زيادة من حاشية (م).
(٢) في (ج ٢): على.
(٣) رواه الترمذي (١٣٥٣).
(٤) انظر: التمهيد (١٠/ ٢١٦ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>