للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ لَهُ مَروَانُ: لَا أَسأَلُكَ بَيِّنَةً بَعدَ هَذَا.

ــ

خسف به في مثل الطوق منها. وهو ظاهر قوله: (طوقه الله إلى سبع أرضين). وفي البخاري (١) نصًّا: (خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين). وقيل: يجمع ذلك كله عليه. وقد دلّ على ذلك ما رواه الطبري في هذا الحديث، وقال: (كلفه الله حمله حتى يبلغ سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضي الله بين الناس). والله تعالى أعلم.

وفيه ما يدل: على أن الأرضين سبع، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرضِ مِثلَهُنَّ}؛ أي: في العدد؛ لأن الكيفية والصفة مختلفة بالمشاهدة والأخبار، فتعيَّن العدد، والله تعالى أعلم. وقد استدل به الداودي: على أن السبع الأرضين لم يفتق بعضها من بعض. قال: لأنه لو فتق بعضها من بعض لم يطوق منها ما ينتفع به غيره. وقد جاء في غلظهن، وما بينهن خبر، وليس في ذلك شيء صحيح. وقد استدل غيره به: على أن من ملك شيئًا من الأرض ملك ما تحته مما يقابله. فكل ما يجد فيه من معدن، أو كنز فهو له. وقد اختلف في ذلك في المذهب. فقيل ذلك، وقيل: هو للمسلمين. وعلى ذلك فله أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بمن يجاوره. وكذلك: أن يرفع في الهواء المقابل لذلك القدر من الأرض من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد، فيُمنَع.

وقول مروان لما سمع الحديث: (لا أسألك بينة) قرأناه بفتح الكاف على خطاب سعيد، وهو صحيح (٢)، وفيه إشكال، وذلك: أن الأرض كانت في يد سعيد وادعت المرأة: أنَّه غصبها إيَّاها. ألا ترى قول عروة: إن أروى ادعت على سعيد: أنه أخذ لها شيئًا من أرضها، فهو المدَّعى عليه، وكيف يكلف المدَّعى عليه إقامة البينة على إبطال دعوى المُدَّعِي؟ ! وإنما القضاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي


(١) رواه البخاري (٢٤٥٤) من حديث ابن عمر.
(٢) ساقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>