للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَت كَاذِبَةً فَأعم بَصَرَهَا، وَاقتُلهَا فِي أَرضِهَا. قَالَ: فَمَا مَاتَت حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، ثُمَّ بَينَا هِيَ تَمشِي فِي أَرضِهَا إِذ وَقَعَت فِي حُفرَةٍ فَمَاتَت.

ــ

المدَّعِي: (شاهداك أو يمينه) (١) وإنما يصلح أن يخاطب بهذه الكاف المدَّعِية. وعلى هذا: فينبغي أن تكون مكسورة، ويكون مروان قال ذلك لها كفًّا لها عن تماديها على دعواها؛ لعلمه بصدق سعيد من جهة قرائن أحواله، لا أن الخبر الذي ذكره يدلُّ على براءته من دعواها، لكن ما كان معلومًا من دين سعيد ومن ورعه وفضله، وأنه مشهود له بالجنة، وعظم هذا الوعيد الشديد الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة مع نزارة هذا القدر المدّعى عليه به. فحصل عند مروان العلم بصدقه، فقال للمرأة: لا أسألك بينة؛ أي: لأنك لا تجدينها بوجه. ثم إنه لم يقض بينهما بشيء، ولم يحوجه سعيدٌ إلى قضاء، بل بادر إلى أن سلم لها ما ادَّعته وزادها من أرضه. فقال: دعوها لها.

قلت: فهذا الذي ظهر لي في هذا الخطاب، فإنه إن كان متوجهًا لسعيد لزم أن يكون مروان عدل عن جهة القضاء المنصوص عليها؛ التي لا اختلاف فيها، وأن سعيدًا أقرَّه عليها. وكل ذلك باطل، فتعيَّن ما اخترناه، والله تعالى أعلم.

ويعني بـ (البينة): من يشهد لسعيد بصحة الحديث الذي رواه، لأنه صدقه في الرواية، ولم يحتج إلى الاستظهار بزيادة شهادة غيره على ذلك، ولم يرد بالبينة هنا: الشهادة التي يستند حكم الحاكم إليها؛ لأنها لا تلزم المدّعى عليه، فكيف يسقط عنه ما لا يلزم؟ (٢)

و(قول سعيد: اللهم! إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها)


(١) رواه أحمد (٥/ ٢١١)، والبخاري (٢٥١٥ و ٢٥١٦).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (م) و (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>