للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَجِيزُوا الوَفدَ بِنَحوِ مَا كُنتُ أُجِيزُهُم. قَالَ: وَسَكَتَ عَن الثَّالِثَةِ، أَو قَالَ أُنسِيتُهَا.

ــ

ثلاث وليسكنهم خارجًا عنهم، ويمنعهم اتخاذ المساكن في أمصار المسلمين، فإن اتخذوها باعها عليهم، واستدل على ذلك بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: لا تبقى قبلتان بأرض العرب (١)، (٢) وبقول ابن عبَّاس: لا يساكنكم أهل الكتاب في أمصاركم. وبإخراج علي رضي الله عنه أهل الذِّمَّة من الكوفة إلى الحيرة. قال: وإنما خصَّ في الحديث جزيرة العرب لأنه لم يكن للإسلام يومئذ ظهور إلا بها.

قلت: وتخصيص الحكم بجزيرة العرب هو قول المتقدمين والسلف الماضين، فلا يُعدَلُ عنه.

ولم يعرِّج أبو حنيفة على هذا الحديث، فأجاز استيطان المشركين بالجزيرة ومخالفة مثل هذا جريرة.

وقوله وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، الوفد جمع وافد، كصحب وصاحب، وركب وراكب. وجمع الوفد: أوفاد، ووفود. والوفادة الاسم وهو القادم (٣) على القوم والرسول إليهم، يقال أوفدته أرسلته. والإجازة: العطية. وهذا منه صلى الله عليه وسلم عهدٌ ووصيةٌ لولاة المسلمين بإكرام الوفود والإحسان إليهم قضاء لحق قصدهم ورفقًا بهم واستئلافًا لهم.

قال القاضي أبو الفضل: وسواء في ذلك عند أهل العلم، كانوا مسلمين أو كفارًا؛ لأن الكافر إنَّما يفد في مصالح المسلمين. قال: وهذه سنة لازمة للأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله وسكت عن الثالثة - أو قال: أنسيتها، يريد سعيد بن جبير، قال


(١) لفظة "العرب" ليست في (ج ٢).
(٢) رواه أبو داود (٣٠٣٢)، والترمذي (٦٣٣) بلفظ: "لا تكون قبلتان في بلدٍ واحد".
(٣) في (ل ١): الوافد.

<<  <  ج: ص:  >  >>