للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صحتهما، لكنَّا نقول بموجبهما، فإن دين الإسلام لم يزل يزيد إلى أن كمل في الحين الذي أنزل الله تعالى فيه {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم} ولم ينقص من أحكامه ولا شريعته التي شاء الله تعالى بقاءها شيءٌ، وقد أعلاه الله تعالى وأظهرَه على الدِّين كلِّه وكما وعدنا تعالى. سلَّمنا ذلك، لكن الأحاديث الأول أرجح؛ لأنها متفق على صحتها، وهي نصوص في المطلوب، والقياس الذي ذكروه فاسد الوضع لأنَّه في مقابلة النَّصّ ولخلوه عن الجامع، فإذا ثبت هذا فاعلم أن المسلم والكافر المذكورين في الحديث للعموم، فلا مسلمًا ما يرث كافرًا ما ولو كان مرتدًّا، وهو مذهب مالك وربيعة والشافعي وابن أبي ليلى - قالوا: لا يرث المرتدَّ أحدٌ من المسلمين، ومالُهُ فَيءٌ لبيت المال.

وخالفهم في ذلك طائفة أخرى فقالوا: إن ورثته من المسلمين يرثونه - وبه قال الأوزاعي وإسحاق والحسن البصري والشعبي وعمر بن عبد العزيز، وروي ذلك عن عليّ وابن مسعود.

وفرَّقت طائفة ثالثة فقالت: يرث ماله الذي كان له قبل ردَّته ورثته المسلمون، وما استفاده بعد الرَّدة فيءٌ - وهو قول الثوريِّ وأبي حنيفة، والعموم المتقدم حجة على هؤلاء الطائفتين.

وقوله يتوارث أهل ملَّتين قال بظاهره مالك، فلا يرث اليهودي النصرانيَّ ولا يرثان المجوسيَّ، وهكذا جميع أهل الملل أخذًا بظاهر هذا الحديث. وقال الشافعي وأبو حنيفة وداود: إن الكفار كلهم أهل ملة واحدة، وإنهم يتوارثون - محتجِّين بقوله تعالى: {وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم} فوحَّد المِلَّة. وبقوله: {لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِينِ} والخطاب بـ لكم للكفار كلهم مع توحيد دين، وتأولوا قوله لا يتوارث أهل ملتين على أن المراد به الإسلام والكفر، كما قال في الحديث الأول لا يرث المسلم الكافر، ولا حجة لهم في ذلك.

أمَّا الآية الأولى فلأن ملّتهم وإن كانت موحدة في اللفظ فهي مكثرة في المعنى؛ لأنه قد

<<  <  ج: ص:  >  >>