للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَظَنَنتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخصٍ، فَسَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَن ذَلِكَ فَقَالَ: لَا تَبتَعهُ، وَلَا تَعُد فِي صَدَقَتِكَ؛ فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلبِ يَعُودُ فِي قَيئِهِ.

ــ

الذي قلناه أولى من قول من قال إنه حبسٌ في سبيل الله وبيعه إنما كان لما أضاعه صاحبه صار بحيث لا يصلح للجهاد، وهذا هو الذي صار إليه مالك تفريعًا على القول بجواز تحبيس الحيوان أنه يباع إذا هرم ويُستبدل بثمنه في ذلك الوجه المحبس فيه أو يعين بثمنه فيه. والقول الأول أظهر لما ذكرناه، ولأنه لو كان ذلك لسأل عن هذا الفرس هل تغير عن حاله أم لا، ولنظر في أمره.

وقوله فظننت أنه بائعُه بِرُخصٍ، إنَّما ظن ذلك لأنه هو الذي كان أعطاه إيَّاه، فتعلَّق خاطره بأنه يسامحه في ترك جزء من الثمن، وحينئذ يكون ذلك رجوعًا في عين ما تصدَّق به في سبيل الله. ولَمَّا فهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا نهاه عن ابتياعه وسمَّى ذلك عودًا، فقال: لا تبتعه، ولا تَعُد في صدقتك.

واختلف في هذا النَّهي هل يحمل على ظاهره من التحريم؟ ولأنه يفهم من تشبيهه بالكلب التحريم؛ كما قال تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ} أو على الكراهة لأن تشبيهه بالقيء إنما يدلُّ على الاستقذار والعيافة للنَّفرة الموجودة من ذلك لا أنه يحرم العود في القيء إلا أن يتغير للنجاسة، فحينئذ يحرم لكونه نجاسة (١) لا لكونه قيئًا - والأول في كتاب ابن المواز (٢) وقال به الداودي، والثاني عليه أكثر النَّاس.

قلت: ويحتاج موضع الخلاف إلى تنقيح، فنقول: أما الصَّدقة في السَّبيل أو على المسكين أو على ذي الرَّحم إذا وصلت للمتصدِّق عليه فلا يحل له


(١) في (ع): نجسًا.
(٢) هو محمد بن إبراهيم الإسكندري المالكي: فقيه. من آثاره: مصنف في الفقه. توفي سنة (٢٦٩ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>