للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية أَنَّه حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ - وذكر نحوه.

رواه أحمد (٢/ ٥٥)، والبخاري (٢٩٧١)، ومسلم (١٦٢١)، (١ - ٣)، وأبو داود (١٥٩٣)، والترمذي (٦٦٨)، والنسائي (٥/ ١٠٩).

ــ

الرُّجوع فيها بغير عوض قولا واحدًا؛ لأنه قد أخرجها عن ماله على وجه القربة لله تعالى واستحقها المتصدق عليه وملكها بالصدقة والحوز، فالرجوع فيها أو في بعضها حرام. وأما الرُّجوع فيها بالشراء الذي لا يُحَطُّ عنه من ثمنها شيءٌ فمكروه؛ لأنه قد استرد عينًا أخرجها لله تعالى.

والأولى حمل النهي الواقع في الحديث المذكور عن الابتياع على التحريم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فهم عن عمر ما كان وقع له من أنَّه يبيعه منه بحطيطة من الثمن، وهذا رجوع في بعض عين الصَّدقة، إلا أن الكراهية هي المشهورة في المذهب في هذه المسألة، وكأنَّهم رأوا أن هذه عطية مبتدأة من المتصَدَّق عليه أو الموهوب له لأنها عن طيب نفس منه، فكان ذلك للمتصدق أو الواهب مِلكًا جديدًا بطريق آخر. وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم لمن وهب أمةً لأمِّه فماتت أمُّه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وجب أجرك، وردَّها عليك الميراث (١)، غير أنه لا يليق بمكارم الأخلاق أن يعود في شيء خرج عنه على وجه المعروف، ولا بأهل الدِّين أن يرجعوا في شيء خرجوا عنه لله تعالى بوجه، فكان مكروها من هذا الوجه. وهذا نحو مما قررناه في قضيَّة تحرّج المهاجرين من المقام بمكة.

قلت: والظاهر من ألفاظ الحديث ومساقه التحريم، فاجمع ألفاظه وتدبر معانيها يلح لك ذلك إن شاء الله تعالى!


(١) رواه مسلم (١١٤٩)، والترمذي (٦٦٧). وذكره الحافظ في فتح الباري (٤/ ٦٥) وعزاه لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>