للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن من أعطى ولده عطيَّة ليس بصدقة أن له أن يعتصرها (١)، ما لم يستحدث الولد دينًا أو ينكح فليس للأب الاعتصار. وسبب اختلافهم في إلحاق غير الأب بالأب هو أنَّه هل يتناول الملحق اسم الأبوة أو الوالد أم لا؟ وهل هم في معنى الأب أو يُفرَّق بينهم وبينه؟ فإن للأب من الحق في مال الولد ما ليس لغيره، وله من خصوصية (٢) القرب ما ليس لهم.

قلت: أما إلحاق الأم فلا إشكال فيه، وقد أوغل الشافعي في استرجاع الأب لما وهب، ولو تعلَّق بالولد من الدين والتزويج كل طلب، وللأب أن يعتصرها من كل من يقع عليه اسم ولد حقيقة أو مجازا مثل ولده لصُلبه وولد ولده من أولاد البنين والبنات.

وحملت طائفة حديث النَّهي عن الارتجاع في الهبة على عمومه، ولم يستثنوا من ذلك ولدًا ولا غيره، وبه قال طاووس وأحمد، والرجوع عندهم في الهبة محرم مطلقا، والحجة عليهم ما تقدَّم من الحديث وعمل أهل المدينة الدَّالّين على استثناء الأب، وقالت طائفة أخرى: إن المراد بذلك النهي من وهب لذي رحم أو زوج فلا يجوز له الرُّجوع، وإن وهب لغيرهم جاز الرُّجوع - وهو قول الثوري والنخعي وإسحاق، وقصره أبو حنيفة والكوفيون على كل ذي رحم محرم فلا رجوع له فيما يهبه لهم، ويرجع فيما وهبه لغيرهم وإن كانوا ذوي رحم.

قلت (٣): وهذه تحكُّمات على ذلك العموم، فيا لله من تلك الفهوم! !


(١) في (ع): يرجع. ومعنى يعتصرها: يرتجعها.
(٢) في (ج ٢): حقوق.
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>