وقد روي عن مالك كراهة النذر مطلقا. فيمكن حمله على الأنواع التي بينَّا كراهتها. ويمكن حمله على جميع أنواعه؛ لكن من حيث: إنَّه أوجب على نفسه ما يخاف عليه التفريط فيه، فيتعرض للوم الشرع وعقوبته. كما قد كره الدُّخول في الاعتكاف. وعلى هذا فتكون هذه الكراهة من باب تسمية ترك الأولى مكروها. ووجه هذا واضح. وهو: أن فعل القرب من غير التزامها خير محض، عَرِيّ عن خوف العقاب، بخلاف الملتزم لها؛ فإنَّه يخاف عليه ذلك فيها. وقد شهد لهذا ذمُّ من قصَّر فيما التزم في قوله تعالى:{فَمَا رَعَوهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} ولا إشكال في أن النذر من جملة العقود والعهود المأمور بالوفاء بها، وأن الوفاء بذلك من أعظم القرب المثنى عليها. وكفى بذلك مدحًا وتعزيزًا قوله تعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذرِ وَيَخَافُونَ يَومًا كَانَ شَرُّهُ مُستَطِيرًا}