للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٧٤٠] وعنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ النَّذرَ لَا يُقَرِّبُ مِن ابنِ آدَمَ

ــ

النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو: أن الله تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر. وإليهما الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإن النَّذر لا يردُّ من قدر الله شيئًا). وهاتان جهالتان. فالأولى تُقارب الكفر. والثانية خطأ صراح.

وإذا تقرر هذا، فهل هذا النهي محمول على التحريم، أو على الكراهة؟ المعروف من مذاهب العلماء الكراهة.

قلت: والذي يظهر لي: حمله على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد. فيكون إقدامه على ذلك محرما. والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك. والله تعالى أعلم.

وإذا وقع هذا النذر على هذه الصفة لزمه الوفاء به قطعًا من غير خلاف. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه) (١) ولم يفرق بين النذر المعلَّق ولا غيره. ومما يلحق بهذا النَّهي في الكراهة: النذر على وجه التبرُّم والتَّحرُّج. فالأول: كمن يستثقل عبدًا لقلة منفعته، وكثرة مؤنته، فينذر عتقه تخلُّصًا منه، وإبعادًا له. وإنما يكره ذلك لعدم تمحُّض نية القربة. والثاني: أن يقصد التضييق على نفسه، والحمل عليها؛ بأن ينذر كثيرًا من الصوم، أو من الصلاة، أو غيرهما مما يؤدي إلى الحرج والمشقة مع القدرة عليه. فأمَّا لو التزم بالنذر ما لا يطيقه لكان ذلك محرَّمًا. فأمَّا النذر الخارج عمَّا تقدَّم: فما كان منه غير معلَّق على شيء، وكان طاعة؛ جاز الإقدام عليه، ولزم الوفاء به. وأمَّا ما كان منه على جهة الشكر: فهو مندوب إليه؛ كمن شُفي مريضه فقال: للهِ عليَّ أن أصوم كذا، أو أن أتصدق بكذا شكرًا لله تعالى.


(١) رواه أحمد (٦/ ٣٦)، والبخاري (٦٦٩٦)، وأبو داود (٣٢٨٩)، والترمذي (١٥٢٦)، والنسائي (٧/ ١٧)، وابن ماجه (٢١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>