للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُحَدِّثكَ عَن ذَلِكَ: إِنِّي أَتَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي رَهطٍ مِن الأَشعَرِيِّينَ نَستَحمِلُهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَحمِلُكُم، وَمَا عِندِي مَا أَحمِلُكُم عَلَيهِ. فَلَبِثنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِنَهبِ إِبِلٍ، فَدَعَا بِنَا، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمسِ ذَودٍ غُرِّ الذُّرَى، قَالَ: فَلَمَّا انطَلَقنَا قَالَ بَعضُنَا لِبَعضٍ: أَغفَلنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ،

ــ

قلت: وهذا محمول على ما إذا ذهب ما في بطونها من ذلك، كما حكيناه عن ابن القاسم، لأن مالكا قد قال في روث ما يأكل النجاسة وبوله: أنَّه نجس، بخلاف أصله في أن الأبوال تابعة للُّحوم.

وكره ابن حبيب من أصحابنا أكل ما يأكل النجاسات مطلقا.

قلت: وقد روى أبو داود من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلَاّلة وألبانها (١). وهو حجة لابن حبيب؛ لولا أنَّه من رواية محمد بن إسحاق.

و(قوله: فتَلَكَّأ) أي: تثاقل، وتأخر. و (نستحمله) أي: نسأله أن يحملنا؛ أي: يعطينا ما نتحمَّل عليه وبه، و (ن هبُ إبل) أي: غنيمتها. والنهب: الغنيمة. وكان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ إذا أوتر من أول الليل قال: أحرزت نهبي؛ أي: غنيمتي. وقد تقدَّم الكلام في الذَّود في كتاب الزكاة.

و(قوله: غُرِّ الذُّرى) غرُّ: جمع أغرُّ. وأصله: الذي في جبهته بياض من الخيل. و (الذُّرى): جمع ذروة، وهي: من كل شيء أعلاه. والمراد بـ (غُرّ الذُّرى): أن تلك الإبل كانت بيض الأسنمة. وقد روي: (بُقعُ الذُّرى) أي: فيها لمعٌ بيضٌ وسودٌ. ومنه قيل: الغراب الأبقع، والشَّاة البقعاء: إذا كانا كذلك.

و(قوله: أغفَلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه) أي: وجدناه غافلًا عنها. كما تقول العرب: أحمدت الرَّجل: وجدته محمودًا. وأذممته: وجدته مذمومًا. فكأنه قال:


(١) رواه أبو داود (٣٧٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>