وجدناه غافلًا عنها، فاغتنمنا غفلته، فأخذنا منه في حال غفلته.
و(قوله: لا يبارك لنا) أي: فيما أعطانا إن سكتنا عن ذلك ولم نعرّفه. وفيه من الفقه ما يدل على جواز اليمين عند التبرُّم، وجواز ردّ السَّائل المثقل عند تعذر الإسعاف، وتأديبه بنوع من الإغلاظ بالقول. وذلك: أنَّهم سألوه في حال تحقق فيها: أنَّه لم يكن عنده شيء فأدَّبهم بذلك القول، ثم: إنَّه صلى الله عليه وسلم بقي مترقِّبًا لما يُسعِفُ به طِلبتَهُم، ويجبرُ به انكسارهم، فلمَّا يسَّر الله تعالى ذلك عليه أعطاهم، وجبرهم على مقتضى كرم خلقه.
و(قوله: إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحلَّلتها)، وفي الرواية الأخرى:(إلا كفَّرتُ عن يميني، وأتيت الذي هو خير) اختلاف هاتين الروايتين أوجب اختلاف العلماء في الكفارة قبل الحنث هل تجزئ أم لا؟ على ثلاثة أقوال: جوازها مطلقا. وهو مذهب أربعة عشر من الصحابة، وجمهور الفقهاء. وهو مشهور مذهب مالك. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تجزئ بوجه. وهي رواية أشهب عن مالك. وقال الشافعي: تجزئ بالإطعام، والعتق، والكسوة. ولا تجزئ بالصَّوم. وقد ذكر أصحابنا للخلاف في هذه المسألة سببًا آخر. وهو اختلافهم في اليمين. هل هو جزء السبب، والحنث الجزء الآخر؟ أم ليس كذلك؟ بل وجود اليمين هو السبب فقط، والحنث شرط وجوب الكفارة. وبسط هذا في مسائل الخلاف.
وذكر (١) مسلم في بعض طرق حديث أبي موسى الأشعري المردفة. حدثنا شيبان بن فرُّوخ، حدثنا الصَّعِقُ