للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: إِنِّي نَذَرتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَن أَعتَكِفَ يَومًا فِي المَسجِدِ الحَرَامِ، فَكَيفَ تَرَى؟ قَالَ: اذهَب فَاعتَكِف يَومًا.

رواه أحمد (١/ ٣٧)، والبخاري (٢٠٤٢)، ومسلم (١٦٥٦) (٢٧ و ٢٨)، وأبو داود (٣٣٢٥)، والترمذي (١٥٣٩)، وابن ماجه (٢١٢٩).

* * *

ــ

ويتضمن ذلك الأمر (١) الأمر بتحصيل ما لا يصح ذلك المشروط إلا به. وهذه مسألة خطاب الكفار بفروع الشريعة. وقد ذكرنا في أصول الفقه: أن الصحيح أنهم مخاطبون بها، وأنه الصحيح من مذهب مالك وغيره من العلماء. وعلى هذا: فيلزم الكافر ما نذره في حال كفره، كما هو الظاهر من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ هذا. وكذلك يلزمه عتق ما أعتق، وصدقة ما تصدَّق به. فإن أسلم صحَّت له تلك الأعمال كلّها، وأُثيب عليها، كما هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (أسلمتَ على ما أسلفتَ عليه من خير) (٢). ومالك - حيث لم يلزمه بشيء - إنما بناه على القول الآخر عنه: في أن الكفار ليسوا مخاطبين بالفروع. والصحيح المشهور من مذهبه، ومذهب أصحابه: أنهم مخاطبون بها. وعلى هذا: يخرج من مذهبه قول آخر في إلزام الكفار ما التزموه من النَّذر والعتق في حالة الكفر. والله تعالى أعلم.

و(قوله: أنه نذر أن يعتكف ليلة) يحتجُّ به من يجيز الاعتكاف بالليل وبغير صوم. ولا حجة له فيه؛ لأنه قد قال في الرواية الأخرى (٣): (أنَّه نذر أن يعتكف


(١) في (ل ١): الأصل.
(٢) رواه أحمد (٣/ ٤٠٢)، والبخاري (١٤٣٦)، ومسلم (١٢٣) (١٩٥).
(٣) في (ج ٢): الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>