[٦٤] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجدَةَ فَسَجَدَ، اعتَزَلَ الشَّيطَانُ يَبكِي، ويَقُولُ: يَا وَيلَهُ! - وَفِي رِوَايَةٍ:
ــ
الله تعالى فيه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ. واختلف العلماء في أخواتِ الصلاة من الفرائض؛ كالزكاة، والصيام، والحج، والوضوءِ، والغُسلِ من الجنابة، هل يُقتَلُ الآبي مِن فعِلِهَا وإن اعترَفَ بوجوبها، أم يعاقبُ حتى يَفعَل؟ وهل هو كافرٌ أم عاصٍ؟ مذهب مالك: في أنَّ من قال: لا أتوضَّأُ ولا أصوم، أنَّه يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل، وإن قال: لا أُزَكِّي، أُخِذَت منه كرهًا، فإن امتنع، قوتل، فإن قال: لا أَحُجُّ، لم يُجبَر؛ لكونِ فرضِهِ على التراخي.
قال المؤلف - رحمه الله -: هكذا أطلق أئمتنا، وينبغي أن يقال: إنَّه إذا انتهى الممتنع إلى حالةٍ يخافُ معها الفَوتَ؛ كالهَرَمِ، والمرض، حُمِلَ على الفعل؛ لئلا يُخلى زمانَهُ عن الحجِّ مع استطاعته، وأما من يقول: إنَّ الحجَّ على الفور إذا حصلَت الاستطاعةُ، فقياسُ مذهبه: يقتضي أن يُحمَلَ على الفعل في تلك الحال، لكنَّ أصحابنا لم يقولوا به، ولا كفَّروه بترك الحجِّ كما فعلوا في الصلاة؛ لأنَّ كونَ وجوبِهِ على الفور ليس بمعلومِ التحديد والتوقيف مِنَ الشرع؛ كما هو في الصلاة، وإنما قيل ذلك بالاجتهادِ والظَّنِّ، والله أعلم.
وقال ابن حَبِيب: مَن قال عند الإمام: لا أصلِّي وهي عَلَيَّ، قُتِلَ ولا يستتاب، وكذلك من قال: لا أتوضَّأ، ولا أغتسلُ من الجنابة، ولا أصوم. وقال أيضًا: مَن ترك الصلاةَ متعمِّدًا أو مُفَرِّطًا: كافرٌ، ومَن ترك أخواتِهَا متعمِّدًا؛ من زكاة، وحجٍّ، وصوم: كافر، وقاله الحَكَم بن عُتَيبة وجماعةٌ من السلف.
و(قوله: إِذَا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجدَةَ، اعتَزَلَ الشَّيطَانُ) أصلُ السجود في اللغة: الخضوعُ والخشوع؛ قال زَيدُ الخَيلِ: