وذلك: إذا لم يوجد هنالك أحد به أثر، ولا سَبُع. قال: ولو وجد في بيت، أو دار، أو صحراء قتيل ليس فيها أحدٌ سواهم فيتفرقون عن قتيل. فهذا كلُّه شبهة توجب القسامة.
وسادسها: فئتان تقتتلان، فيوجد بينهما قتيل؛ ففيه روايتان:
إحداهما: أن أولياءه يقسمون على من يدَّعون عليه، أو من يدَّعي عليه المقتول؛ كان من الفئتين، أو غيرهم.
والأخرى: لا قسامة فيه في هذه الوجوه، وفيه الدِّية على الطائفة التي نازعت طائفته؛ إن كان منها، وعلى الطائفتين إن كان من غيرهما، وبالقسامة في هذا قال الشافعي. وقال أحمد وإسحاق: عقله على الفئة المنازعة؛ فإن عيّنوا رجلًا؛ ففيه القسامة.
وسابعها: الميِّت في مزاحمة الناس. قال الشافعي: تجب بذلك القسامة، وتكون فيه الدِّية. وعند مالك: هو هدر. وقال إسحاق، والثوري: ديته على بيت المال. وروي مثله عن عمر، وعلي - رضي الله عنهما -، وقال الحسن، والزهري: ديته على من حضر.
وقوله:(ثم أقبل هو وأخوه حُوَيِّصَة) يعني به: مُحَيِّصَة. وهما ابنا مسعود بن زيد. والمشهور في حُوَيصَة ومُحَيِّصَة تخفيف الياء. وقد رويا بكسر الياء وتشديدها. وعلى الوجهين فهما مصغران، والمقتول: عبد الله بن سهل بن زيد، وأخوه عبد الرحمن بن سهل، فالأربعة بنو عم، بعضهم لبعض. وإنَّما تقدم مُحَيِّصَة بالكلام لكونه كان بخيبر حين قُتل عبد الله، غير أنه كان أصغر سنًّا من حُوَيِّصَة؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كَبِّر، كَبِّر) أي: قدِّم للكلام قبلك من هو أكبر سنًّا منك. فتقدم حويصةُ، وكأنه كان أكبر منه ومن عبد الرحمن أخي المقتول.