للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَعَم قَتَلتَهُ، قَالَ: فكَيفَ قَتَلتَهُ؟ . قَالَ: كُنتُ أَنَا وَهُوَ نَختَبِطُ مِن شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِي، فَأَغضَبَنِي، فَضَرَبتُهُ بِالفَأسِ عَلَى قَرنِهِ، فَقَتَلتُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: هَل لَكَ مِن شَيءٍ تُؤَدِّيهِ عَن نَفسِكَ؟ .

ــ

المذهب عندنا في إقراره بعد الحبس والتهديد. هل يُقبل جملة، أو لا يقبل جملة؟ والفرق (١) (فيقبل إذا عيَّن ما اعترف به من قتل، أو سرقة، ولا يُقبل إذا لم يعين) ثلاثة أقوال.

و(قوله: كيف قتلته؟ ) سؤال استكشاف عن حال القتل، لإمكان أن يكون خطأ، أو عمدًا. ففيه من الفقه: وجوب البحث عن تحقيق الأسباب التي تنبني عليها الأحكام، ولا يكتفى بالإطلاق. وهذا كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ماعز حين اعترف على نفسه بالزنى على ما يأتي.

و(قوله: كنت أنا وهو نختبط من شجرة، فسبَّني، فأغضبني، فضربته بالفأس على قرنه فقتلته). نختبط (نفتعل) من الخبط، وهو ضرب بالعصا ليقع يابسُ ورقها، فتأكله الماشية. وقرن الرأس: جانبه الأعلى. قال الشاعر:

. . . . . . . . . . . . . . . ... وضَرَبتُ قَرنِي كَبشِها فَتَجَدَّلا (٢)

و(قوله: هل لك من شيء تؤدِّيه عن نفسك) يدلّ: على أنه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قد ألزمَه حكم إقراره، وأن قتله كان عمدًا؛ إذ لو كان خطأ لما طالبه بالدِّية، ولطولب بها العاقلة، ويدلُّ على هذا أيضًا قوله: (أترى (٣) قومك يشترونك؟ ) لأنه لما استحق أولياء المقتول نفسه بالقتل العمد صاروا كالمالكين له، فلو دفع أولياء القاتل عنه عوضًا فقبله أولياء المقتول لكان ذلك كالبيع. وهذا كله إنما عرضه


(١) أي: إن القول الثالث هو التفريق بين ما إذا عيَّن أو لم يُعيِّن.
(٢) في (ل): فتجندلا. و (جدَّله): صرعه وأوقعه على الأرض فهو مجدَّل.
(٣) في التلخيص: فترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>