للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصل، فلا تعارض، فلا نسخ. وقد بيَّنا ذلك في الأصول، سلمنا ذلك، لكن هذه الآية ليست بنصٍّ، بل عموم ظاهرٌ، فيخصّص منها بعض الزناة بالتغريب، كما يخصِّص بعضهم بالرَّجم، ثمَّ يلزمهم ردَّ الحكم بالرجم فإنه زيادة على نصّ القرآن، وهو ثابت بأخبار الآحاد. ولو سلَّمنا: أن الرَّجم ثبت بالتواتر، فشرطه الذي هو الإحصان ثبت بأخبار الآحاد، ثم هم قد نقضوا هذه القاعدة التي قعدوها في مواضع كثيرةٍ بيَّناها في الأصول.

ومن أوضح ذلك: أنهم أجازوا الوضوء بالنبيذ معتمدين في ذلك على خبر ضعيف لم يصحّ عند أهل العلم بالحديث، وهو زيادة على ما نصّ عليه القرآن من استعمال الماء.

ثم القائلون بالتغريب اختلفوا فيه. فقال مالك: ينفى من مصر إلى الحجاز وشَعب وأسوان ونحوها. ومن المدينة إلى خيبر وفدك، وكذلك فَعَل عمر بن عبد العزيز. وقد نفى علي - رضي الله عنه - من الكوفة إلى البصرة. قال مالك: ويحبس في البلد الذي نُفي إليه. وقيل: يُنفى إلى عمل غير عمل بلده. وقيل: إلى غير بلده. وقال الشافعي: أقلُّ ذلك يوم وليلة.

قلت: والحاصل: أنَّه ليس في ذلك حدٌّ محدود، وإنَّما هو بحسب ما يراه الإمام، فيختلف بحسب اختلاف أحوال الأشخاص على حسب ما يراه أردع.

ثمَّ القائلون بالتغريب لم يختلفوا في تغريب الذكر الحرّ. واختلفوا في تغريب المرأة والعبد. فممن رأى التغريب فيهما؛ أخذا بعموم حديث التغريب، ابن عمر، وقد حدّ مملوكة له في الزنى، ونفاها إلى فدك. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، والثوري، والطبري، وداود.

وهل يُنفى العبد والأمة سنة أو نصف سنة؟ قولان عند الشافعي. وذهب معظم القائلين بالنفي: إلى أنه لا نفي على مملوك، وبه قال الحسن وحماد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>