للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَتلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَاّ بِالحَقِّ، وَأَكلُ الرِّبَا، وَأَكلُ مَالِ اليَتِيمِ،

ــ

أَوبَقَ. وَوَابقَة: اسم فاعل من وَبَقَ يَبِقُ وُبُوقًا: إذا هلَكَ، والمَوبِقُ: مَفعِلٌ منه، كالمَوعِد: مَفعِلٌ من الوعد؛ ومنه قوله تعالى: وَجَعَلنَا بَينَهُم مَوبِقًا، وفيه لغة ثانية: وَبِقَ، بكسر الباء، يَوبَقُ بالفتح، وَبَقًا، وفيه لغة ثالثة: وَبِقَ يَبِقُ بالكسر فيهما، وأوبَقَهُ: أهلكه.

وسمّيت هذه الكبائرَ مُوبِقَاتٍ؛ لأنَّها تُهلِكُ فَاعِلَهَا في الدنيا بما يترتَّب عليها (١) من العقوبات، وفي الآخرة مِنَ العذاب. ولا شكَّ في أنَّ الكبائرَ أكثَرُ مِن هذه السبع؛ بدليلِ الأحاديثِ المذكورة في هذا الباب وفي غيره؛ ولذلك قال ابن عباس حين سئل عن الكبائر، فقال: هي إلى السبعينَ أقرَبُ منها إلى السبع، وفي رواية عنه: هي إلى سبعمائةٍ أقرَبُ منها إلى سبع (٢).

وعلى هذا: فاقتصارُهُ - عليه الصلاة والسلام - على هذه السبعِ في هذا الحديث يَحتملُ: أن تكونَ لأنَّها هي التي أُعلِمَ بها في ذلك الوقت بالوحي، ثُمَّ بعد ذلك أُعلِمَ بغيرها. ويَحتملُ أن يكون ذلك؛ لأنَّ تلك السبع هي التي دعت الحاجةُ إليها في ذلك الوقت، أو التي سُئِلَ عنها في ذلك الوقت؛ وكذلك القولُ في كُلِّ حديثٍ خَصَّ عددًا من الكبائر، والله تعالى أعلم.

وقد اختلفَ العلماءُ قديمًا وحديثًا في الكبائر ما هي؟ وفي الفرق بينها وبين الصغائر، فرُوِيَ عن ابن مسعود: أنَّ الكبائر: جميعُ ما نهى الله عنه من أوَّلِ سورةِ النساء إلى قوله: إِن تَجتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم. وعن الحسن: أنَّها كُلُّ ذنبٍ ختمه اللهُ بنارٍ أو غضبٍ أو لعنةٍ أو عذاب. وقيل: هي كلُّ ما أوعَدَ اللهُ عليه بنارٍ، أو بِحَدٍّ في الدنيا. وروي عن ابن عباس: أنَّها كُلُّ ما نَهَى الله عنه (٣).


(١) في (ط): عليه.
(٢) ينظر فتح الباري (١٢/ ١٨٣)، والكبائر للذهبي ص (٤٢) طبعة دار ابن كثير سنة (١٤١١ هـ).
(٣) انظر المصدرين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>