للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاسُ، أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُم الحَدَّ، مَن أَحصَنَ مِنهُم، وَمَن لَم يُحصِن، فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ زَنَت،

ــ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم؛ من أحصن منهم، ومن لم يحصن) (١) وهذا ينصّ على أمر السَّادة بإقامة الحد الذي ذكره الله تعالى، وليس بتعزير، فإنَّه قد سمَّاه حدًّا، وصرَّح بإلغاء اعتبار الإحصان مطلقًا؛ إذ سوَّى بين وجوده وعدمه، فتُحدُّ الأَمَة الزانية على أي حال كانت. ويعتذر عن تخصيص الإحصان في الآية بالذكر: بأنه أغلب حال الإماء، أو الأهم في مقاصد الناس، لا سيما إذا حمل الإحصان على الإسلام. وهو أولى الأقوال على ما قد أوضحه القاضي أبو بكر بن العربي. والله تعالى أعلم.

و(قوله: فإن أمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زنت) كذا جاء في كتاب مسلم. وفي كتاب أبي داود: (فجرت جارية لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). وظاهره: أن هذه الجارية كانت لبعض عشيرته. وهذه الرواية أحسن من رواية مسلم وأليق بحال من ينتسب لحضرة بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وملكه، استصحابًا لما شهد الله تعالى به من الطهارة لذلك الجناب الكريم، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا} وكيف يليق بمن كان في مثل هذا (٢) البيت الكريم، وبمن صحَّ له ذلك الملك الشريف أن تقع منه فاحشة الزنى. هذا والله من البعد على الغاية القصوى، فإن العبد من طينة سيِّده. ألا ترى أنَّه لما كثر المنافقون على مارية في ابن عمها؛ الذي كان يزورها، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب ليقتله، فدخل عليه، فلما رآه كشف عن فرجه فإذا هو أَجَبُّ، فقرأ علي - رضي الله عنه -: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا}


(١) رواه النسائي في الكبرى (٧٢٣٩) دون قوله: "من أحصن. . .". وانظر: تلخيص الحبير (٤/ ٦٦).
(٢) في (ج ٢): ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>