للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَمَرَنِي أَن أَجلِدَهَا، فَإِذَا هِيَ حَدِيثة عَهدٍ بِنِفَاسٍ، فَخَشِيتُ إِن أَنَا جَلَدتُهَا أَن أَقتُلَهَا، فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَحسَنتَ.

رواه مسلم (١٧٠٥)، وأبو داود (٤٤٧٣)، والترمذيُّ (١٤٤١).

* * *

ــ

[الأحزاب: ٣٣] (١). هذا كله مع احتمال أن يراد بآل محمد نفسه، كما قدمناه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللَّهم صلِّ على آل أبي أوفى) (٢)، وفي قوله: (لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود) (٣). وتكون هذه الأمة من الإماء المُتخذات للخدمة والتصرف، ولعلَّها قريبة عهد بالجاهلية. لكن الأوَّل أليق وأسلم. والله تعالى أعلم.

و(قوله: فأمرني أن أجلدها) هذا إنَّما كان لما ظهر من زناها بالحَبَل، كما دلَّ عليه قوله: (فإذا هي حديثة عهد بنفاس).

و(قوله: فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها). هذا فيه أصل من أصول الفقه. وهو ترك العمل بالظاهر لِمَا هو أولى منه، وتسويغ الاجتهاد. ألا ترى أن عليًّا - رضي الله عنه - قد ترك ظاهر الأمر بالجلد مخافة أمر آخر؛ هو أولى بالمراعاة، فحسَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - له وصوَّبه. ولو كان الأمر على ما ارتكبه أهل الظاهر من الأصول الفاسدة لجلدها وإن هلكت.

وفيه من الفقه ما يدلُّ على أن من كان حدُّه دون القتل لم يقم عليه الحدّ في مرضه حتى يفيق، لا مُفَرَّقًا، ولا مجموعًا، ولا مخففًا، ولا مثقلًا. وهو مذهب الجمهور تمسُّكًا بهذا الحديث، وهو أولى مما خرَّجه أبو داود من حديث سهل بن


(١) سيأتي تخريجه في التلخيص برقم (٢١٠٠).
(٢) رواه أحمد (٣/ ٣٥٣)، والبخاري (١٤٩٧)، ومسلم (١٠٧٨).
(٣) رواه البخاري (٥٠٤٨)، ومسلم (٧٩٣) (٢٣٦)، والترمذي (٣٨٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>