للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قضية معيَّنة تُحُوكِمَ عنده فيها بيمين وشاهد. ويحتمل أن يكون ذلك عبارة عن تقعيد هذه القاعدة. فكأنه قال: أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكم باليمين والشاهد. ومِمَّا يشهد لهذا التأويل: ما زاده أبو داود في حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بشاهد ويمين في الحقوق (١). وهذا الذي يظهر من حديث أبي هريرة الذي قال فيه: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد (٢). فعلى الظاهر الأول من حديث مسلم لا يكون له عموم؛ لأنَّها قضيَّة في عين، وعلى زيادة أبي داود، وظاهر حديث أبي هريرة يكون له عموم. ومع ذلك فهو مخصوصٌ بالأموال وما يتعلَّق بها.

قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب - رحمه الله -: ذلك في الأموال وما يتعلَّق بها دون حقوق الأبدان للإجماع على ذلك من كلِّ قائل باليمين مع الشاهد. قال: لأن حقوق الأموال أخفض من حقوق الأبدان، بدلالة قبول شهادة النساء فيها.

وقد اختلف قول مالك في جراح العمد. هل يجب القود فيها بالشاهد واليمين؟ فيه روايتان:

إحداهما: أنه يجب به التخيير بين القود والدِّية.

والأخرى: أنَّه لا يجب به؛ لأنَّه من حقوق الأبدان. قال: وهو الصحيح. قال مالك في الموطأ: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصَّة. وقال الإمام أبو عبد الله: يُقبل ذلك في المال المَحض من غير خلاف، ولا يُقبل في النكاح والطلاق المحضين من غير خلاف. وإن كان مضمون الشهادة ما ليس بمال، ولكنه يُؤدي إلى المال؛ كالشهادة بالوصية، والنكاح بعد الموت، حتى لا يُطلب من ثبوتها إلا المال، إلى غير ذلك؛ ففي قبوله اختلاف. فمن راعى المال قبله، كما يُقبل في المال. ومن راعى الحال لم يقبله.


(١) رواه أبو داود (٣٦٠٩).
(٢) رواه أبو داود (٣٦١٠)، وابن ماجه (٢٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>