للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد اختلف في هذا. فقال مالك في المشهور عنه: إن الحاكم لا يحكم بعلمه في شيء. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، والشعبي، وروي عن شريح، وذهبت طائفة: إلى أنَّه يقضي في كل شيء من الأموال والحدود وغير ذلك مطلقًا. وبه قال أبو ثور ومن تبعه، وهو أحد قولي الشافعي. وذهبت طوائف إلى التفريق. فقالت طائفة: يقضي بما سمعه في مجلس قضائه خاصة، لا قبله، ولا في غيره؛ إذا لم تحضر مجلسه بيِّنة، وفي الأموال خاصة. وبه قال الأوزاعي، وجماعة من أصحاب مالك، وحكوه عنه. وقالت طائفة: يحكم بما سمعه في مجلس قضائه، وفي غيره، لا قبل قضائه، ولا في غير مِصرِه في الأموال خاصة، وبه قال أبو حنيفة. وقالت طائفة: إنَّه يقضي بعلمه في الأموال خاصة، سواء سمع ذلك في مجلس قضائه وفي غيره، قبل ولايته أو بعدها. وبه قال أبو يوسف، ومحمد. وهو أحد قولي الشافعي. وذهب بعض أصحابنا: إلى أنَّه يقضي بعلمه في الأموال، والقذف خاصة، ولم يشترط مجلس القضاء. واتفقوا: على أنَّه يحكم بعلمه في الجرح والتعديل؛ لأنَّ ذلك ضروري في حقِّه.

والصحيح: الأول؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث هلال بن أمية، لَمَّا لاعن زوجته: (أبصروه؛ فإن جاءت به - يعني: الولد - على نعت كذا؛ فهو لهلال، وإن جاءت به على نعت كذا؛ فهو لشريك). فجاءت به على النعت المكروه. وقال: (لو كنت راجمًا بغير بيِّنة لرجمت هذه) (١)، فلم يحكم بعلمه، لعدم قيام البينة. وعند المخالف: يجب أن يرجمها إذا علم ذلك. قاله عبد الوهاب. فهذا ظاهرٌ قوي في الحدود. وأمَّا في غيرها فيدلّ عليه حديث خزيمة، حيث اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعرابي بعيرًا، فمشى معه ليعطيه ثمنه، فعرض للأعرابي من زاده في الثمن، فأراد


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٣٤)، والبخاري (٢٦٧١)، وأبو داود (٢٢٢٤)، والترمذي (٣١٧٨)، وابن ماجه (٢٠٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>