للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَن قَطَعتُ لَهُ مِن حَقِّ أَخِيهِ شَيئًا، فَلَا يَأخُذهُ، فَإِنَّمَا أَقطَعُ لَهُ بِهِ قِطعَةً مِن النَّارِ.

ــ

المنبر فقال: (أرضيتما؟ ) قالا: نعم (١).

وموضع الحجَّة: أنَّه لم يحكم عليهما بعلمه لما جحدا. وهو المطلوب. ذكره أبو داود من حديث عائشة. وهو صحيح. وذكر: [أن المشجوج إنَّما كان رجلًا واحدًا، وقد ذكر] (٢) غيره: أنهما كانا اثنين. وحاصل هذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بعلمه تعليمًا لأمته (٣)، وسعيًا في سدِّ باب التُّهم، والظنون. والله تعالى أعلم.

و(قوله في الرواية الأخرى: فأحسب (٤) أنَّه صادق) دليل على العمل بالظنون وبناء الأحكام عليها. وهو أمرٌ لم يختلف فيه في حق الحاكم والمفتي.

و(قوله: فمن قطعت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه) نصٌّ في أن حكم الحاكم على الظاهر لا يغيِّر حكم الباطن. وسواء كان ذلك في الدِّماء، والأموال، والفروج. وهو قول الكافة، إلا ما حكي عن أبي حنيفة من أن حكم الحاكم يغير حكم الباطن في الفروج خاصة. وزعم أنه لو شهد شاهدا زور على رجل بطلاق زوجته، وحكم الحاكم بشهادتهما، فإن فرجها يحل لمتزوجها ممن يعلم: أن القضيِّة باطل، وقد شنع عليه بإعراضه عن هذا الحديث الصحيح الصريح، وبأنه صان الأموال، ولم ير استباحتها بالأحكام الفاسدة في الباطن، ولم يصن الفروج عن ذلك. والفروج أحق أن يحتاط لها وتصان.

و(قوله: فإنَّما أقطع له قطعة من النار) أي: ما يأخذه بغير حقه سببٌ يوصل آخذه إلى النَّار. وهو تمثيل يفهم منه شدة العذاب والتنكيل.


(١) رواه أحمد (٦/ ٢٣٢)، وأبو داود (٤٥٣٤)، والنسائي (٨/ ٣٥)، وابن ماجه (٢٦٣٨).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ج ٢).
(٣) من (ج ٢).
(٤) في (ع) و (ل ١): فأحسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>